مقال

نفحات إيمانية ومع قيمة إحترام الكبير “الجزء الخامس”

نفحات إيمانية ومع قيمة إحترام الكبير “الجزء الخامس”

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الخامس مع قيمة إحترام الكبير، وإن الرأي أحيانا لا يقدر بقيمة مادية من الذي يأتي به هذا الكبير في العائلة، هذا الرجل المسن، هذا الذي عاركته الحياة صاحب التجارب والخبرات، وعندما ينقص شيء يستعان بالأمثل فالأمثل، لكن لابد من وجود هذا الدور، هذا الدور مهم في ضبط الشباب مع زوجاتهم، مهم في ضبط الأشياء المالية، مهم في عدم الاستعلان والمجاهرة بالمنكرات، مهم جدا هذا الدور، وإلا يصبح المجتمع ضائعا بلا هوية مالهم كبير، يقولون هذه الأسرة مالهم كبير، هذا الشاب الطائش ما عنده كبير في العائلة يحكمه، من الذي يعقلهم الكبار، وهكذا فإن احترام الكبير خلق إسلامي وإن الحكمة من اهتمام الإسلام بالكبير.

 

وقد منح الإسلام كبار السن الحق في التقدير والإجلال والإحترام لما لهم من فضل في السبق في الوجود والتجربة، كما ولهم السبق في عبادة الله تعالى، ويعدّ الضعف صفة ظاهرة في هذه المرحلة، ويكون الإنسان فيها أحوج إلى المساعدة والاهتمام من غيرها من مراحل حياته ولذلك جاءت كثير من الأدلة الشرعيّة التي تدل على الاهتمام بالكبير ابتداء من الإحسان إلى الوالدين، وكبار السن سواء كانوا رجالا أو نساء، والعطف على الضعفاء منهم، ومساعدة المحتاجين منهم، فقد أوجب الإسلام وجميع الشرائع السماوية السابقة بالإحسان للوالدين ورعايتهم، فقال تعالى “وإذ أخذنا ميثاق بنى إسرائيل لا تعبدون إلا الله وبالوالدين إحسانا”

 

كما وحرّم عقوقهم وعصيانهم بأي شكل من الأشكال حتى وإن كان بكلمة أف، وقد جاء عن الحسن بن علي رضي الله عنه قوله لو كان هناك شيء أدنى في العقوق من كلمة أف لحرمه الله تعالى، ورعاية الوالدين تكون أوجب ما يكون في حال كبرهما في السن، ويُعد الإسلام دينا إنسانيا يحترم الإنسان، ويحفظ كرامته صغيرا وكبيرا وفي جميع مراحل حياته، وخاصة في مرحلة الكبر من حيث توقيره واحترامه والإحسان والعطف عليه، وقد شمل الإسلام في رعايته للمُسنين من كان يعيش معهم من غير المسلمين، وظهر ذلك واضحا في موقف عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما رأى يهوديا كبيرا في السن يسأل الناس، فسأله لم تسأل.

 

فأجابه بسبب الجزية، والحاجة، وكبر السن، فأخذه وأعطاه شيئا من بيته، وصرف له من بيت مال المسلمين، وقال “والله ما أنصفناه إذا أكلنا شبيبته ثم نخذله عند الهرم” امتثالا لقوله تعالى “إنما الصدقات للفقراء والمساكين” فوضع عنه وعن أمثاله الجزية، وتوجد العديد من المظاهر في الإسلام التي تبيّن احترامه للكبار في السن، ومنها توقيرهم واحترامهم كالوالدين، والبعد عن كل ما يؤذيهم من القول أو العمل، وطاعتهم فيما يأمرون من الأفعال الحسنة، وعدم مخالفتهم، وتقديمهم في الكلام، وفي إقامة الصلاة، وأيضا إجلاسهم في صدور المجالس، وعدم الحديث بوجودهم إلا بعد استئذانهم، ومخاطبتهم بلطف وأدب.

 

والقيام لهم وخاصة إن كان عالما أو فقيها أو من حفظة كتاب الله تعالى، وتعليمهم بطريق التلميح والبعد عن التصريح، كفعل الحسن والحسين رضي الله عنهما عندما علما الرجل الكبير الوضوء بالحكمة بطريق التلميح، والتسليم عليهم، فمن السنة أن يُسلم الصغير على الكبير، لأن حق الكبير على الصغير أعظم، وكذلك إكرامهم وترك الخصومة معهم، وعدم سبقهم إلى طريق، وعدم تجاهلهم أو تقدمهم، كما جاء عن الإمام زين العابدين، وكذلك إعطاءهم حقوقهم وعدم التقصير معهم، والحياء منهم، وترك القبيح في حضرتهم، لفعل الصحابة الكرام رضي الله عنهم، قال سمرة بن جندب “قال كنت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم غلاما، فكنت أحفظ عنه، فما يمنعنى من القول إلا أن ها هنا رجالا هم أسن منى

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى