مقال

نفحات إيمانية ومع قيمة إحترام الكبير “الجزء الأول”

نفحات إيمانية ومع قيمة إحترام الكبير “الجزء الأول”

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

 

إن قيمة إحترام الكبير من القيم الإسلامية العظيمة التي يتقرب المسلم بها إلى الله عز وجل، وهي ليست مجرد تقاليد صارمة، أو أعراف، أو عادات بل سلوكيات راقية نؤديها عن طيب خاطر، ورضا نفس، والتماس أجر، وابتغاء ثواب، فحق الكبير التقدير والاحترام، وتقديمه في الأكل والشرب، وفي الشارع والسوق وفي وسائل المواصلات، وعند الحديث لا تقاطعه حتى ينتهي، وفي المجلس ينبغي أن يجلس في المكان اللائق به، وإذا رأيته عليك أن تبدأ بالسلام عليه، وأن تظهر له الفرح والسرور، وعليك مخاطبته بأفضل وأحب الأسماء إلى النفس، وإذا أخطأ الكبير وجب عليك تقديم النصح بأسلوب مهذب وراق، حتى وإن لم يقتنع فقد قمت بدورك وواجبك.

 

ولنقم جميعا بحق كبارنا علينا ليرضى عنا ربنا، لنقم بحق كبارنا، ليقوم بحقنا أبناؤنا، ولنرد الجميل، فقد عطفوا علينا ونحن صغار، لِنرسم بترابطنا وتراحمنا لوحة مشرقة في ليل حالك السواد، تمزقت فيه أواصر المحبة والشفقة والمودة بين أفراد الأسرة الواحدة، بين كبارها وصغارها، في كثير من المجتمعات، وإن في شريعتنا الحنيفية السمحة أخلاق عالية، وأدب عظيم، وفضائل عدة، لكن المصيبة غفلة كثير من المسلمين عن هذه الأخلاق والقيم، وتناسيهم لها، وعدم عملهم بها، فينشأ النشء من غير أن يقيم لتلك الأخلاق وزنا، وكان المطلوب منا جميعا أن نربى نشأنا التربية الإسلامية الصحيحة على الأخلاق الإسلامية والقيم الإسلامية.

 

التي يسعد بها الفرد في حياته وآخرته، وإن شريعة الإسلام جاءت بِما يقوي الروابط بين أفراد المجتمع صغيره وكبيره، غنيه وفقيره، عالمه وجاهله، جاءت بما يقوي تلك الأواصر، حتى يكون المجتمع المسلم مجتمعا مثاليا في فضائله وقيمه، وفي شريعة الله كل خير وهدى، فيقول تعالى فى سورة يونس ” يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما فى الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين” وإن من تلكم الآداب العظيمة ما جاءت به الشريعة مِن حث الصغار على احترامِ الكبار، وأمر الصغار بإجلال الكبار وتعظيمهم، والرفق بهم وعدم التطاول عليهم أقوالا وأفعالا، وهذه شريعة الإسلام تدعو المسلم إلى أن يكرم أخاه المسلم الذي تقدمه سنا.

 

وسبقه في هذه الحياة، تدعوه إلى أن يحترمه ويكرمه، ويراعي له كبره وسابقته في الإسلام، فيجل الكبير ويحترمه، ويعرف له قدره ومكانته، والكبير مأمور برحمة الصغار، والعطف عليهم، والرفق بهم، والإحسان إليهم هذه المنافع المتبادلة بين أفراد المجتمع المسلم تثبت أواصر الحب والوئام بين الجماعة المسلمة، ولقد خلق الله الإنسان، وجعل حياته تمر بثلاث مراحل وهم مرحلة الضعف، ومرحلة الطفولة والصغر، ومرحلة الضعف والشيخوخة، وقد وصف الله عز وجل هذه المراحل فقال سبحانه فى سورة الروم ” الله الذى خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة يخلق ما يشاء وهو العليم القدير”

 

ويقف الإنسان عند آخر هذه الحياة فينظر إليها وكأنها نسج من الخيال، أو ضرب من الأحلام، يقف في آخر سنين عمره وقد ضعف بدنه، ورق عظمه، فأصبحت آلامه متعددة، ضعف البدن، وثقل السمع، وتهاوت القوى، وتجعّد الجلد، وابيض الشعر، يمشي بثلاث بدل اثنين، هكذا يكون حال الإنسان إذا تقدم به العمر، وهذه المرحلة من مراحل السن هي سنة الله في خلقه، ولم يسلم منها حتى الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، ألم تسمعوا عن زكريا عليه السلام ينادى ربه كما جاء فى سورة مريم ” قال رب إنى وهن العظم منى واشتعل الرأس شيبا ولم أكن بدعائك رب شقيا” ولذلك فإن من عظمة الإسلام أنه كما اهتم بالإنسان صغيرا ووجه الأسرة والمجتمع إلى رعايته والاهتمام به.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى