مقال

دراسة نقديه في كتاب الحب في زمن الكورونا ،،

دراسة نقديه في كتاب الحب في زمن الكورونا ،،

 

بقلم الكاتب والمحاضر / أحمد مصطفى معوض

 

في ديوان من القطع الوسط بلغ عدد صفحاته 208 صفحة يطل علينا الشاعر / خالد فضل بطريقة رقيقة وسلسة للغاية ليقدم لنا قصائده التي بلغت ( 115 ) قصيدة بالعامية المصرية والتي احتوت على أزجال وأغاني وتضمنت العديد من الصور وفنون العامية ..

وقد تنوعت القصائد ما بين الرومانسية والوطنية والدينية، وقد أطلق على ديوانه ( الحب في زمن الكورونا ) فجعل من الحب الطريق الذي يسلكه لطرح قصائده ونسيجها حتى في وقت المحن والوباء متأثراً باسم رواية ( الحب في زمن الكوليرا ) للأديب العالمي جابرييل جارثيا ماركيز ،

 

إلا أن الشاعر / خالد فضل اختار دائماً الحب وتقديم المحبة الغامرة في كافة قصائده حتى في أوقات الفراق فجعل الحب هو السبيل الدائم لنسيج أشعاره وثوبها الجميل فيقول في قصيدته ( طمني ) :

( يا حبيبي كفاية فرقة / قلبي ليك مشتاق بحرقة / عود حبيبي ليا انا ) فجعل من الفرقة حافزاً للمزيد من المحبة لا للبعد والهجران كما جعلها سبباً لطلب رجوع الحبيب فلخص ببساطة دعوة المحبة والتسامح والعودة للود والتفاهم .

 

وفي قصيدته ( أنت مين ) يقول : ( أنت زي بلاد جميلة بس معزولة وبعيدة / كلنا بنعشق نروحها بس مراكبها قليلة )

حيث شبه المحبوب الواحد بالبلاد الجميلة لكنها وبرغم جمالها معزولة أي أنها ليست متاحة للذهاب إليها كما أنها أيضاً بعيدة المنال والمكان فجعل التضاد يزين المعني ويعمق الصورة، ثم أثبت أن هذه البلاد هي الأمل الذي يعشقه الجميع وقد تكلم بصيغة الجمع لتضمين معنى أن الحلم الجمعي في الذهاب لهذه البلاد الجميلة وبرغم ذلك بالغ في الصعوبة أن هذه البلاد ليست فقط بعيدة ومعزولة ولكن وسائل الوصول لها قليلة ونادرة وأكد ذلك بأن الوسيلة هي المراكب أي أن بعدها وعزلتها تتطلب عبور البحار للوصول إليها .. إنها السلاسة والعمق في آن واحد ..

وفي قصيدته ( قلبي شاور ) يرتمي في عشقه ومحبته الرحبة الرقيقة في رومانسية المحبوب قائلاً :

( يا حبيبي إنت عارف ليه / قلبي بيشاور عليك / نفسه يحضن رعشة الحب في إديك / نفسه يملك كل حنية عنيك / نفسه يغرق جوه بحرك / حتى لو مديت اديك / دا الفراق جواك حياه / والحياه معمولة ليك ) .

 

وبخفة ظل وطريقة ساخرة يطرح سؤال في قصيدته ( فهمونا ) فيقول :

( طمنونا وفهمونا / يعني ايه فايرس كورونا / يعني معدي / يعني مؤذي / يعني نغسل بالكولونيا / ولا نغسل بالصابونة / فهمونا ) .

وفي حزن شديد لا يخلو أبداً من المحبة التي ينطلق دائماً من خلالها يقول في قصيدته ( أبويا ):

( لمين يا ابويا سايبني وحدي / من غير ما حتى تضمنا / الضمة تشفيلي الجروح / وتقيم لي ضهري اللي انحنى ) فجعل الوحدة هي الفراق وبخاصة فراق الأب لما له من قيمة عظمى في حياته ، وجعل من ضمة الأب بلسماً يداوي الجروح في صورة بلاغية معبرة وقوية بل وجعل ضمة الأب أيضاً هي التي تشد العزيمة فتجعل ظهره مستقيماً شامخاً .

ثم في تنوع ما بين قصائده يتكلم بلهجة شديدة فيقول مستنكراً في قصيدته ( رسالة إلى متطرف ) :

( باسم الدين هاتحكمني / وتأمرني وتنهرني / وتشكمني / أنا مسلم ومش محتاج لأمثالك / ولا يخطر على بالك / أصدق حتى أفعالك ) فخرج عن محبته المعتادة إلى غضب لمحبة أكبر هي محبة الإنتماء للدين والوطن والمواطنة في استنكار واضح للتطرف والبعد عن الوسطية بل واستنكار الإرهاب الذي جعل واقعنا صعباً يملأه القلق والخوف ، فكانت دعوة الشاعر ضد التطرف إلى الوسطية والاعتدال وضد الأمر والنهي الذي يرهب القلوب للإنتماء للسماحة والعفو ، وطالب الشاعر هذا المتطرف بأن يوافق كلامه عن الدين أفعاله التي تتنافى مع الدين بالكلية .

ثم ينتقل نقلة أخرى في قصيدته الرقيقة المحفزة ( متخافش ) المهداة إلى أطفال مستشفى 57357 فيقول :

( اهزم ظروفك / هاتلاقي خوفك / يفتح دراعك للحياة / يكسر غرورها وعندها ) ففي قوة تحفيز يشد عزم الأطفال للوقوف والإصرار على الشفاء من المرض اللعين .

وفي قصيدته ( ضمير للبيع ) يقول الشاعر في ختام القصيدة بعدما استعرض مسألة بيع الضمير في هذا العصر :

( ضمير للبيع / منافذ بيعه مفتوحة على البحري / وبعد البيع / مفيش ترجيع ) فقد حسم القضية حسماً ليس بعده رجوع فمن باع ضميره فلن يستطيع أن يحصل عليه مرة أخرى ، لذلك فقد طرح عبر القصيدة دعوته بعدم بيع الضمير مطلقاً .

وفي نقلة وطنية لطيفة يقول في قصيدته ( مصر أم العجب ) بنفس نبرة المحبة الأصيلة المسيطرة على وجدان الشاعر :

( يا مصر يا امو العجب / يا امو الضفاير دهب / يا امو العيون الكحيلة / والرمش ضلة وخميلة / احنا رجالك ومالك / بصيلنا وسط المعارك / هاتلاقي بركان لهب ) فجعل مصر هي الحبيبة الجميلة بل وجعل من رموشها مستقبلاً لثمارها اليانعة التي هي مظلة لكل محب مصري أصيل، كما أبلغ محبوبته التي هي وطنه وحياته بأنه ليس وحده المحب بل كل الرجال الأصيلة مُحبة لهذه الحبيبة الجميلة التي يدخلون المعارك ويجودون بأرواحهم من أجلها .

وبنبرة وطنية عالية يدافع عن جيش مصر العظيم ضد كل من تسول له نفسه أن يقدح في محبة الجيش لمصر والمصريين فيقول في قصيدته ( الجيش بتاعنا ) :

( الجيش بتاعنا / كلمه ليها ألف معنى / للي سافر واللي باعنا / والل أصلاً مش تبعنا / واللي متأخون وخاننا / واللي واكل قوت عيالنا / واللي إعلامي وخذلنا / واللي صاحب مال وكلنا / واللي شككنا في أملنا / يا كل دوووول / الجيش بتاعنا ).

بهذه النبرة العالية القوية المليئة بالمحبة للجيش والدفاع عنه وتوضيح إنتماء واتجاه كل من يشكك في الجيش المصري العظيم يدعو الشاعر كل المصريين أن يتنبهوا لكل من يقدح في جيشنا المصري ويبين أن كل جهة مشككة ما هي إلا تنفيذاً لأجندات ممولة ولها مصالحا الخاصة وهي ليست وطنية بالمرة ولا تربطها بالوطنية أي صلة .

ثم يختم رحلته المليئة بالمحبة بقصيدته في حب الرسول صلى الله عليه وسلم ( صلوا ) فيقول :

( يا رب طالبين المدد / قال ع النبي صلوا / ألفين صلاه ع النبي / يا مؤمنين صلوا / أكيد صلاتنا عليه / لازم هاتوصله )

وبهذه القصيدة فقد اختتم ديوانه بكل الحب والوطنية والتدين الوسطي المعتدل، وهذه كانت قراءة في ديوان ( الحب في زمن الكورونا ) للشاعر / خالد فضل، وهي ليست على سبيل النقد ولا التقييم لكنني حاولت أن أعطي لمحات بارزة عن هذا المجهود الرائع والتعريف بشاعر يكاد يتنفس محبة ورومانسية حتى في تعامله مع أصعب الأمور والقضايا المتناولة في ديوانه ، فكان نصيبه الأكبر أن أعطى كل الحب لكل شيء حسن قد طرحه بين أشعار قصائده ، و أنا اثق أنه في ديوانه القادم سيقدم لنا المزيد من الإبداع السلس اللطيف الذي يبهج القلب ويسعد الروح .

 

الكاتب والمحاضر / أحمد مصطفى معوض

عضو اتحاد كتاب مصر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى