مقال

نفحات إيمانية ومع الإحسان إلى الخلق ” جزء 6 “

نفحات إيمانية ومع الإحسان إلى الخلق ” جزء 6 ”

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء السادس مع الإحسان إلى الخلق، إن الشفقة والرأفة والرحمة على خلق الله خصوصا ضعفاء المسلمين من يتيم، ومسكين، وأرملة لها أثر عند الله عظيم، ولها موقع في الحسنات ودفع السيئات، وتنزل الرحمة، ودفع النقمة، ولها أثر كبير في حسن الخاتمة عند الموت، فيحكى النبي صلى الله عليه وسلم قصة عظيمة إذا تأملها المسلم وجد فيها عبرة وفائدة كبيرة، حاصل هذه القصة أن امرأة كانت عاصية بعيدة عن الله سبحانه وتعالى خرجت ذات يوم، فبينما هي تسير في الطريق إذ رأت ذلك الكلب الذي اكتوى بالظمأ والعطش، رأت كلبا معذبا، قد أنهكه العطش والظمأ، وقد وقَف على بئر ذات ماء، لا يدري كيف يشرب، يلعق الثرى من شدة الظمأ.

 

فلما رأته تلك المرأة العاصية، أشفقت عليه ورحمته، فنزلت إلى البئر وملأَت خفها من الماء، ثم سقت ذلك الكلب، وأطفأت ظمأه وعطشه، فنظر الله إلى رحمتها بهذا المخلوق، فشكر لها معروفها، فغفر ذنوبها، بشربة ماء غفرت ذنوبها، وبشربة ماء سترت عيوبها، وبشربة ماء رضي عنها ربها، إنها الرحمة التي أسكنها الله القلوب، إنها الرحمة التي يرحم الله بها الرحماء، ويفتح بها أبواب البركات والخيرات من السماء، فهي شعار المسلمين ودثار الأخيار والصالحين، وشأن الموفقين المسددين، كم فرج الله بها من هموم، وكم أزال الله بها من غموم، إنها الرحمة، إذا أسكنها الله في قلبك فتح بها أبواب الخير في وجهك، وسددك وألهمك، وأرشدك وكنت من المحسنين.

 

ومن شعائر الإسلام العظيمة إطعام الطعام، والإحسان إلى الأرامل والأيتام، والتوسيع عليهم طلبا لرحمة الله الملك العلام، فقال صلى الله عليه وسلم “الساعي على الأرملة والمسكين، كالمجاهد في سبيل الله، وكالقائم لا يفتر، وكالصائم لا يفطر ” رواه البخاري ومسلم، فالذي يطعم الأرملة، ويدخل السرور عليها، ويرحم بُعد زوجها عنها إحسانا وحنانا كالصائم الذي لا يفطر من صيامه، والقائم الذي لا يفتر من قيامه، فهنيئا ثم هنيئا لأمثال هؤلاء الرحماء، فإن أحوج الناس إلى رحمتك يا عبد الله الأيتام والمحاويج، فلعلك بالقليل من المال تكفكف دموعهم، وتجبر كسر قلوبهم، فيكف الله نار جنهم عنك يوم القيامة، فقال صلى الله عليه وسلم ” فليتقين أحدكم النار ولو بشق تمرة” رواه البخاري.

 

وعن أبي موسى ألاشعرى رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال “على كل مسلم صدقة” قال أرأيت إن لم يجد؟ قال “يعمل بيديه، فينفع نفسه، ويتصدق” قال أرأيت إن لم يستطع؟ قال “يعين ذا الحاجة الملهوف” قال أرأيت إن لم يستطع؟ قال “يأمر بالمعروف أو الخير” قال أرأيت إن لم يفعل؟ قال ” يمسك عن الشر فإنها صدقة” متفق عليه، وعن ابن عباس قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “ما من عبد أنعم الله عليه نعمة، فأسبغها عليه، ثم جعل من حوائج الناس إليه، فتبرم، فقد عرض تلك النعمة للزوال” رواه الطبراني، وعن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال “من مشى في حاجة أخيه، كان خيرا له من اعتكافه عشر سنين” رواه الطبراني.

 

وعن أبي هريرة رضى الله أن رجلا شكا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قسوة قلبه، فقال “امسح رأس اليتيم، وأطعم المسكين” رواه أحمد، فيا مَن رام محبة الله ورحمته، ارحم الضعفاء، وأحسن إلى المحتاجين، ولا تبخل بشيء من المعروف، ووجوه البر كثيرة، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” كل سُلامى من الناس عليه صدقة، كل يوم تطلع فيه الشمس، تعدل بين الاثنين صدقة، وتعين الرجل في دابته، فتحمله عليها، أو ترفع له عليها متاعه صدقة” قال “والكلمة الطيبة صدقة، وكل خطوة تَمشيها إلى الصلاة صدقة، وتميط الأذى عن الطريق صدقة” فلا يخلو مجتمع من فقراء ومحتاجين، وما أحوج كل مجتمع إلى وجود أشخاص يتخصصون، أو جهات خيرية فعالة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى