مقال

نفحات إيمانية ومع إعمال العقل فى فهم النص “جزء2”

نفحات إيمانية ومع إعمال العقل فى فهم النص “جزء2”

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الثانى مع إعمال العقل فى فهم النص، وإن كان في الحديث كلام، فإن الآية بنفسها دالة على التفكر فهي دعوة الله تعالى للتفكر، ولما كان للعقل جموح وخروج عن الحق والصواب يصل بصاحبه إلى السفه والشقاء، فقد ألزمه الحكيم الخبير بحسن التصرف والتدبير، فأمره بأن يقنعَ بردِّ علمِ ما لا يعلم إلى عالِمه، حتى يَسْلم في دينه، فإذا كان من العقل أن يُسلم الرجل نفسه للطبيب فيما لا يعلم، حتى يتحقق له الشفاء والسلامة في بدنه، وتتم له العافية على سبيل الظن، وكما يسلم كل شيء إلى صانعه ومخترعه، ومراكز خدمة صيانته المتخصصة فيصبح من البديهي المُسلم به والأولى أن يسلم عقله وكل جوارحه إلى إلهه ومولاه.

 

إلى خالقه وموجده من عدم، وكم تثار فكرة حديثة قديمة حول شأن العقل وحكمة، حتى وصلت إلى حد الجدلية المفتعلة بين العقل والنقل، وأصلا لو فهمت ماهية العقل، لما أثير هذا الجدل ولكن القصور في العقل قد لا يمكن صاحبه من فهم المراد في الشريعة، وبذلك قد تنشأ المشكلة، فكل صاحب عقل يحتاج إلى أدوات لفهم النقول والنصوص، وهذا لا يتحقق إلا بالعلم الأصولي لا بل هناك أشياء قد تفهم بطريق الفطرة السوية التي فطر الله بها الخلق ولكن الانجراف وراء الأهواء قد يحرف العقل عن مساره الفطري، فالعقل في نظر العامة من الناس يعتبر بمثابة ملكة تميز الإنسان عن باقي الكائنات الأخرى، وذلك على مستوى السلوك والتفكير.

 

وتختلف هذه الملكة من شخص لآخر، حيث قال الله تعالى فى سورة الإسراء ” ولقد كرمنا بنى آدم وحملناهم فى البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا” وعلى هذا الأساس يتم التمييز بين الإنسان العاقل والفاقد للعقل، أو مختله أو ناقصه، ولقد نشأت على مدى العصور فلسفات كثيرة تناولت شأن العقل، فمنها من قام بإعطائه السلطة المطلقة، ومنها ما عطل العقل عن فهم الحياة، وجاء الإسلام الذي أعطى العقل أهمية واضحة، فهو الأساس في فهم النقل، ولا تعارض بينه وبين العقل، فلولا العقل لما فهمت النصوص، ولما استنبطت الأحكام، ولنفهم معنى العقل لغة نرجع إلى أهل اللغة حتى نفهم ما المقصود بالعقل أصلا؟

 

فكم من متكلم بالعقل ولا يستطيع أن يخبرنا ما هو العقل لغة وماهية، فالعقل هو العلم بصفات الأشياء، من حسنها وقبحها وكمالها ونقصها أو العلم بخير الخيرين وشر الشرين أو منطلق لأمور أو لقوة بها يكون التمييز بين القبح والحسن ولمعان مجتمعه فى الذهن، يكون بمفدمات يتستتب بها الأغراض والمصالح ولهيئة محموده للإنسان فى حركاته وكلامه، ولكن نسأل من أين نشأت نظريات الفلاسفة والمتكلمين في ماهية العقل، حتى أثير الجدل بين العقل وبين النقل؟ وهي فكرة قديمة تكلم بها الفلاسفة الإغريق واليونان، والفلسفات الشرقية القديمة، ووجدت جذورها بداية في اللاهوت والفكر الديني عموما، قبل تكون النظريات العلمية،

 

وركزت على العلاقة بين العقل والروح أو الجوهر الإلهي المفترض للذات الإنسانية، فقد ذهب أرسطو إلى أن هناك عقلا بالفعل، وعقلا بالقوة، فأحدهما فاعل، والآخر منفعل، ولا يستغني أحدهما عن الآخر، وقد نشأ في العصر الذهبي عند اليونان نزاع بين الفلسفة والدين، وعرفت مجموعة من الفلاسفة عرفوا بالسفسطائيين، فهم الذين اخترعوا لأوربا النحو والمنطق، وطبقوا التحليل على كل شيء، وأبوا أن يعظموا التقاليد المتواترة التي لا تؤيدها شواهد الحس أو منطق العقل، وكان لهم شأن كبير في الحركة العقلية التي حطمت آخر الأمر دين اليونان القديم، ولقد اتهمهم سقراط بقوله لقد دمر السفسطائيون إيمان الشباب بآلهتهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى