مقال

نفحات إيمانية ومع حق اليتيم فى الإسلام ” جزء 3″

نفحات إيمانية ومع حق اليتيم فى الإسلام ” جزء 3″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الثالث مع حق اليتيم فى الإسلام، وقد كثرت الآيات الكريمة التي توصي باليتيم خيرا وتأمر بالعدل معه والإحسان إليه وتحرم ظلمه في نفسه وماله، وما من أحد منا إلا ويعرف أعدادا من الأيتام في صغره وكبره، وبعضهم نشأ معه أو درس في مدرسته أو قعد إلى جنبه في مقعد الدراسة، وأمال إذا تكلمنا عن اليتيم في الإسلام، فإننا أمام ظاهرة اجتماعية حاضرة في كل وقت وحين، والتداعيات التي تنتج عن إهمال هؤلاء الأيتام أو السطو على أموالهم وأكلها ظلما وعدوانا تضر بالمجتمع كله وردود الفعل المحتملة من هؤلاء الأيتام عندما يكبرون ويرشدون تفرض على المجتمع أن يقوم بواجبه نحوهم في مرحلة الصغر.

 

وقد عد الإسلام أكل مال اليتيم بغير حق من الكبائر السبع الموبقة، فقد أخرج البخارى ومسلم في حديث مرفوع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم” اتقوا السبع الموبقات، قالوا يا رسول الله وما هن؟ قال صلى الله عليه وسلم” الشرك بالله والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل االربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات” وبما أن أحسن وضع ينشأ فيه اليتيم هو الأسرة بدلا من الملاجئ الجماعية، فإن عمل المسلمين منذ عهد الصحابة الكرام سار على هذا، فكانت الأسر تتولى كفالة اليتيم وخاصة أقاربه من الإخوة والأعمام والأخوال، وقد يتولى كفالته رجل صالح أجنبي عنه، وقد تتولاه أمه إذا مات أبوه.

 

أو يتولاه أبوه إذا ماتت أمه، ولم تكن الملاجئ الجماعية شائعة، وإن كانت موجودة في بعض الأحيان، فإن هذا الاختيار الذي مضى عليه الصحابة الكرام رضوان الله تعالى عليهم أجمعين، ومن بعدهم من المسلمين طرح سؤالا عند بعض الصحابة فسألوا النبي صلى الله عليه وسلم، فنزل القرآن الكريم يجيبهم والسؤال هو هل إذا تولى المسلم كفالة يتيم في بيته يعزل طعامه أو يكون طعامه وطعام أهل البيت واحدا، وقد رفع سبحانه الحرج عن المسلمين فأجاز مخالطة هؤلاء الأيتام في الطعام وغيره، إذا لم يكن ذلك ذريعة للتحايل على أموالهم وأخذها ، فقال الله تعالى كما جاء في سورة النساء ” ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير، وإن تخالطوهم فإخوانكم، والله يصلح المفسد من المصلح”

 

ولقد كان بعض المسلمين إذا اضطر للأخذ من مال اليتيم بقصد الإنفاق عليه ليجعله سلفا في ذمته يعيده إليه عندما يستغني وهذا من الورع، كما أن القضاة في تاريخ الإسلام يراقبون الكفيل، ويفرضون له إذا كان فقيرا مبلغا محددا حتى يمنعوا التوسع والإسراف في صرف أموال اليتيم، وقد اجتمع في هذا المقام أمر ونهي، فالأمر بكفالة اليتيم حتى يكبر، والنهي عن أكل ماله ظلما، وحتى لا يخاف المسلم من هذا العمل جاءت هذه الرخص عند ممارسة الكفالة، والمبدأ ثابت وهو النصح لليتيم وابتغاء مصلحته والاجتهاد في ذلك بقدر الوسع والطاقة، واليوم، إضافة إلى الدور الاول الذي تقوم به الأسر والعائلات في ضم الأيتام إليها وإدماجهم ضمن أفرادها.

 

تقوم عدة جمعيات اجتماعية برعاية الأيتام، وتتلقى مساعدات للقيام بهذه الرعاية، وبعضها يعلن عن المبلغ المالي اللازم لكفاية اليتيم مدة شهر أو سنة، ويدعو الناس للمشاركة بالمال، وتكون الجمعية وسيطا بين المتبرع والقائم على كفالة اليتيم، وبذلك يتعاون صاحب المال بماله وصاحب الجهد بعمله، وهذه الجمعيات مثل الأفراد والأسر مطالبة بالعدل مع هؤلاء الأيتام، وما يصرف إليها باسمهم هو أمانة عندها، لا يجوز أن تتصرف فيه بخلاف مصلحتهم، واليتامى هم أمانات في أيدي الجمعيات وعموم المسلمين وإهمالهم أوأكل أموالهم خيانة لهذه الأمانات وسوف يحاسبون عليها أمام الله عز وجل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى