مقال

نفحات إيمانية ومع إياكم ومال اليتيم ” جزء 4″

نفحات إيمانية ومع إياكم ومال اليتيم ” جزء 4″

بقلم/ محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الرابع مع إياكم ومال اليتيم، وقال الله تعالى فى سورة الأنعام “ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتى هى أحسن حتى يبلغ أشده وأوفوا الكيل” وإن لتحقيق المرحلة النهائية لانتقال المال إلى اليتامى فإنه يجب أن يتوفر البلوغ والرشد فى اليتامى، والبلوغ هو بلوغ النكاح، وهو كناية عن وصول الطفل إلى مرحلة النضوج، والرشد، وهو النضوج العقلى عند الإنسان وبحصول هذين الشرطين يكون اليتيم ناضجا وقادرا على إدارة شؤونه والتصرف فى أمواله بنفسه، فرفع الولاية عن الصبى اليتيم كان بلا أب لابد له من مقدرتين بدنية وعقلية، فلو اكتمل نضوج الصبى بدنيا ولم يكتمل النضج العقلي فلا فائدة، فلقد جاء الإسلام آمرا بالتكافل والرحمة والعطف والإحسان على أبنائه.

 

مرتبا على ذلك الأجور العظيمة، والعطايا الجزيلة، ومن ذلكم هو كفالة اليتيم، وقد مدح النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، نساء قريش لرعايتهن اليتامى، فقال صلى الله عليه وسلم”خير نساء ركبن الإبل نساء قريش، أحناه على يتيم فى صغره، وأرعاه على زوج في ذات يده” رواه مسلم، وإن أطيب المال ما أعطي منه اليتيم، فقال صلى الله عليه وسلم “إن هذا المال خضرة حلوة، فنعم صاحب المال المسلم ما أَعطي منه المسكين واليتيم وابن السبيل” رواه البخارى ومسلم، وقد بشر النبى صلى الله عليه وسلم كافله بمرافقته في الجنة، فقال “أنا وكافل اليتيم في الجنة كهاتين” رواه البخارى ومسلم، وقد عدَّ الرسول صلى الله عليه وسلم أكل مال اليتيم من السبع الموبقات.

 

فقال “اجتنبوا السبع الموبقات” وذكر منهن ” وأكل مال اليتيم” رواه البخارى ومسلم، وإذا كان التعرُض لمال اليتيم بسوء كبيرة من كبائر الذنوب، فالتعرض له بالأذى من ضرب وشتم ونحوه أشد حرمة، فيحرم إذلال اليتيم والتسلط عليه، والتعرض له بشيء يسوءه بغير حق فقال تعالى فى سورة الضحى ” فأما اليتيم فلا تقهر” وكذلك النهى عن قهره أمر بالإحسان إليه، وإدخال السرور عليه، وإذا فقد اليتيم أباه تضاعف واجب الأم نحوه، ولقد ضربت أمهات المثل الأعلى في التربية، والقيام بحقوق الأيتام على أكمل وجه، فأم موسى رعت ابنها موسى عليه السلام واصطفاه الله نبيا فقال الله تعالى كما جاء فى سورة القصص” هل أدلكم على أهل بيت يكفلونه لكم وهم له ناصحون، فرددناه إلى أمه”

 

وكذلك السيدة مريم عليها السلام فقد أحسنت تربيتها لابنها عيسى عليه السلام، واختاره الله رسولا، وهذه أم الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله، حضنته أمه وأدبته، وأحسنت تربيته، حتى قال رحمه الله “كانت أمي توقظني قبل الفجر بوقت طويل وعمري عشر سنوات، وتدفئ لي الماء في الشتاء، ثم نصلي أنا وإياها ما شئنا من صلاة التهجد، ثم تنطلق بي إلى المسجد في طريق بعيد مظلم موحش لتصلي معي صلاة الفجر في المسجد، وتبقى معي حتى منتصف النهار تنتظر فراغي من طلب العلم وحفظ القرآن” فيجب عليك أيتها الأم أو الوصي والولي على هؤلاء الأيتام، الإحسان إليهم في التربية والرحمة، والعطف، والتوجيه الحسن، والتعليم النافع.

 

والأمر بالصلاة، فهي عماد الدين، ومجالسة العلماء، ولزوم الصحبة الصالحة، والتحذير من الفتن، فلا يخلو مجتمع من أطفال يتامى فارق الموت عنهم آباءهم قبل وصولهم سن التكليف، ومعلوم حاجة اليتيم إلى العطف والحنان والعناية والرعاية والإحسان، ذلكم ما أولاه الإسلام العناية البالغة، وأكده في نصوص قرآنية وحديثية كثيرة، وقد نشأ نبينا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم يتيما، فبشرى لليتامى، فخير البشر رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، فقد كان يتيما، وقال الله تعالى كما جاء فى سورة الضحى ” ألم يجدك يتيما فآوى ” وهكذا فإن كفالة اليتيم مساهمة في بناء مجتمع خالى من الحقد والكراهية، مجتمع تسوده الرحمة والمحبة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى