مقال

نفحات إيمانية ومع إياكم ومال اليتيم ” جزء 1″

نفحات إيمانية ومع إياكم ومال اليتيم ” جزء 1″

بقلم/ محمـــد الدكـــرورى

 

لقد أوصى الله عز وجل باليتيم والعطف والإحسان إليه وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ألم ترى أن الله تعالى يقول “إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا” وقال السدي رحمه الله تعالى يحشر آكل مال اليتيم ظلما يوم القيامة ولهب النار يخرج من فيه ومن مسامعه وأنفه وعينه كل من رآه يعرفه أنه آكل مال اليتيم، فقال العلماء فكل ولي ليتيم إذا كان فقيرا فأكل من ماله بالمعروف بقدر قيامه عليه في مصالحه و تنمية ماله فلا بأس عليه، وما زاد على المعروف فسحت حرام، لقول الله تعالى و من كان غنيا فليستعفف ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف، وفي الأكل بالمعروف أربعة أقوال أحدهما أنه الأخذ على وجه القرض والثاني الأكل بقدر الحاجة من غير إسراف، والثالث أنه أخذ بقدر إذا عمل لليتيم عملا.

 

والرابع أنه الأخذ عند الضرورة فإن أيسر قضاه وإن لم يوسر فهو في حل وهذه الأقوال ذكرها ابن الجوزي في تفسيره، وفي البخاري أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال “أنا و كافل اليتيم في الجنة هكذا و أشار بالسبابة والوسطى و فرج بينهما” وفي صحيح مسلم عنه صلى الله عليه و سلم قال “كافل اليتيم له أو لغيره أنا وهو كهاتين في الجنة وأشار بالسبابة والوسطى” فإن كفالة اليتيم هي القيام بأموره والسعي في مصالحه من طعامه وكسوته وتنمية ماله إن كان له مال، وإن كان لا مال له أنفق عليه و كساه ابتغاء وجه الله تعالى، وقوله في الحديث له أو لغيره أي سواء كان اليتيم قرابة أو أجنبيا منه، فالقرابة مثل أن يكفله جده أو أخوه أو أمه أو عمه أو زوج أمه أو خاله.

 

أو غيره من أقاربه ، والأجنبي من ليس بينه و بينه قرابة، وقال رسول الله صلى الله عليه و سلم “من ضم يتيما من المسلمين إلى طعامه و شرابه حتى يغنيه الله تعالى أوجب الله له الجنة إلا أن يعمل ذنبا لا يغفر” وقال صلى الله عليه و سلم “من مسح رأس يتيم لا يمسحه إلا لله كان له بكل شعرة مرت عليها يده حسنة، و من أحسن إلى يتيم أو يتيمه عنده كنت أنا وهو هكذا في الجنة” وقال رجل لأبى الدرداء رضي الله عنه أوصني بوصية قال ارحم اليتيم وأدنه منك وأطعمه من طعامك، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم أتاه رجل يشتكي قسوة قلبه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “إن أردت أن يلين قلبك فادن اليتيم منك وامسح رأسه وأطعمه من طعامك.

 

فإن ذلك يلين قلبك وتقدر على حاجتك” ومما حكي عن بعض السلف قال كنت في بداية أمري مكبا على المعاصي وشرب الخمر، فظفرت يوما بصبي يتيم فقير فأخذته وأحسنت إله وأطعمته وكسوته وأدخلته الحمام وأزلت شعثه، وأكرمته كما يكرم الرجل ولده بل أكثر فبت ليلة بعد ذلك فرأيت في النوم أن القيامة قامت ودعيت إلى الحساب، وأمر بي إلى النار لسوء ما كنت عليه من المعاصى، فسحبتني الزبانية ليمضوا بي إلى النار وأنا بين أيديهم حقير ذليل يجروني سحبا إلى النار، وإذا بذلك اليتيم قد اعترضنى بالطريق، وقال خلو عنه يا ملائكة ربي حتى أشفع له إلى ربي، فإنه قد أحسن إلي وأكرمنى فقالت الملائكة إنا لم نؤمر بذلك.

 

وإذا النداء من قبل الله تعالى يقول خلوا عنه فقد وهبت له ما كان منه بشفاعة اليتيم وإحسانه إليه قال فاستيقظت وتبت إلى الله عز و جل، وبذلت جهدى في إيصال الرحمة إلى الأيتام ولهذا قال أنس بن مالك رضي الله عنه خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم خير البيوت بيت فيه يتيم يحسن إليه، وشر البيوت بيت فيه يتيم يساء إليه، وأحب عباد الله إلى الله تعالى من اصطنع صنعا إلى يتيم أو أرملة وروي أن الله تعالى أوحى إلى داود عليه السلام يا داود كن لليتيم كالأب الرحيم، وكن للأرملة كالزوج الشفيق، واعلم كما تزرع كذا تحصد معناه أنك كما تفعل كذلك يفعل معك، أي لا بد أن تموت ويبقى لك ولد يتيم، أو امرأة أرملة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى