مقال

نفحات إيمانية ومع الزواج وتنظيم النسل ” جزء 4″

نفحات إيمانية ومع الزواج وتنظيم النسل ” جزء 4″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الرابع مع الزواج وتنظيم الأسرة، وأما عن موضوع تحديد النسل، فإنه لم تخل المجالس الفكرية والدينية أو الجلسات الشعبية من الجدل الكبير الذي يتمحور حول موضوع تحديد النسل، حيث تحكم المجتمعات العديد من النظم والاتجاهات الفكرية التي تؤثر وبشكل كبير جدا على آراء أبناء هذه المجتمعات وتجعلهم تابعين لفئة معينة من الناس بأسماء كثيرة لا مجال للتفصيل فيها أو سبر أغوارها والوصول إلى منابعها الآن، إلا أنه من الواضح أن هناك فريقين من الناس فالبعض يرى أن تحديد النسل هو أمر منفصل تماما عن تنظيم النسل، فيما يرى البعض الآخر أنهما يؤديان نفس المعنى، فالقسم الأول يرى أن تحديد النسل يعني منع الحمل نهائيا.

 

وتحديده بعدد معين من مرات الإنجاب، فيما يعني تنظيم النسل وهذا بحسب وجهة نظرهم، أو عدم منع إنجاب الأطفال منعا نهائيا ولكن تنظيم عملية الإنجاب والإنجاب بفترات متباعدة، أما القسم الآخر فيرى أن التنظيم والمنع كلاهما واحد وهما يفيدان إما منع عملية الحمل والإنجاب منعا نهائيا أو تنظيم عملية الإنجاب بحيث يتم الفصل بفترة زمنية جيدة بين الأطفال، ولكن الأمر الذي لا جدال فيه هو أنه وبغض النظر عن معمعة التسميات ومتاهتها فإن الأمر الذي لا جدال فيه هو وجود الوسائل التي يمكنها أن تمنع الحمل وأيضا وجود الوسائل التي تنظم عملية الحمل ومن ثم عملية الإنجاب، وتتنوع طرق تحديد النسل إما بالمنع أو بالتنظيم.

 

فلتنظيم النسل هناك العديد من الوسائل التي يمكن بواسطتها أن تتم عملية المباعدة بين الأحمال، فقد يلجأ الأبوان حتى ينظموا عملية التناسل والإنجاب إلى العديد من الوسائل والتي من أبرزها وسيلة العزل أثناء ممارسة العملية الجنسية أو الامتناع عن ممارسة العملية الجنسية ومن الطرق أيضا استعمال الواقي الذكري في أثناء الممارسة الجنسية أو استعمال طرق أخرى مثل اللولب وحبوب منع الحمل، أما لمنع الحمل وبشكل نهائي فقد تلجأ المرأة إلى وسيلة ربط قناة فالوب، فالربط يمنع وبشكل نهائي عملية الحمل، بحيث تحد هذه الطريقة من التقاء البويضات التي ينتجها جسم المرأة بالحيوانات المنوية والتي تأتي من الرجل.

 

مما يؤدي وبعد فترة إلى تحلل البويضة في جسد المرأة ومن ثم امتصاصها من قبل جسمها وهذه الوسيلة تلاقي المعارضة الأكبر من بين كافة الوسائل الأخرى، نظرا لأنها تمنع الحمل بشكل نهائي، وقد تنوعت آراء الناس على اختلاف مللهم واتجاهاتهم الفكرية ما بين تحريم وربما تجريم اللجوء إلى مثل هذه الوسائل، وقد قابل أتباع الأديان اتباع هذا السلوك واستخدام مثل هذه الوسائل بالرفض في غالب الأوقات، فمثلا رفض أتباع الكنيسة الكاثوليكية وأتباع الشريعة الإسلاميه هذه الوسائل أو اللجوء إليها في الأحوال الطبيعية إلا إن كانت هناك دوافع حقيقية أو أسباب خطيرة ووجيهة تستدعي اللجوء إلى مثل هذه الوسائل.

 

فعلماء المسلمين تحديدا قالوا أن التحديد هو المنع النهائي وهذا مرفوض في حين قالوا أن التنظيم هو الفصل بين الأحمال وهو جائز إن كان لأسباب ضرورية كما ذكرنا، أما أتباع المذهب البروتستانتي فقد كانوا متساهلين إلى حد ما في بعض الأحيان ورافضين لها في أحايين أخرى كثيرة، وهناك أتباع ديانات أخرى رفضت تماما هذه الوسائل فيما تساهل بعض أتباع الديانات الأخرى في هذا الموضوع، ولكن المتساهلين أكدوا على ضرورة عدم المساس بحياة الجنين بعد ثبوت الحمل والتأكد منه عن طريق الإجهاض مثلا، فهذا فيه امتهان للحياة الإنسانية وهو عمل غير أخلاقي، وقد انطلق أتباع الديانات في رفضهم لهذه الوسائل من منطلقين أساسيين جمعهم جميعا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى