مقال

نفحات إيمانية ومع أحوال الفرج والشدة “جزء9”

نفحات إيمانية ومع أحوال الفرج والشدة “جزء9”

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء التاسع مع أحوال الفرج والشدة، فيقول تعالى ” فإن مع العسر يسرا، إن مع العسر يسرا” فهذا العسر معرفة وهذا اليسر نكرة في الآية، ولذلك قال ابن عيينة رحمه الله “أي أن مع ذلك العسر يسرا آخر” كقوله سبحانه وتعالى فى سورة التوبة ” هل تربصون بنا إلا إحدى الحسنيين” وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “ضحك ربنا من قنوط عباده وقرب غيره” وتأمل في أحوال الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين فهذا يوسف لما صار في ظلامة الجب، ثم في ضيق السجن، كربا على كرب، وهما على هم، فماذا حصل بعد ذلك؟ تداركته رحمة الله، وهي قريب من المحسنين، فأخرجته من ظلامة الجب، ومن ضيق السجن إلى سعة الملك، وبسط في العيش.

 

وجمع بأهله في حال الرخاء بعد الشدة، وهذا نبى الله يعقوب عليه السلام عمي من كثرة البكاء والحزن على فقد ولديه، وابيضت عيناه فهو كظيم، تداركته رحمة الله بعد سنوات من الشدة، ومفارقة الأولاد الأحباء إلى نفسه، فجمعهم الله سبحانه بهما على غير ميعاد منهم، وهذا نبى الله يونس عليه السلام في بطن الحوت لما نزل به البلاء دعا ربه في مكان ما دعا به أحد من الناس ربه، في جوف البطن المظلم، فاستجاب الله دعاءه، وهذه سيرة نبينا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم فيها شدائد، وأهوال، وكرب، وهموم، ومنها شدائد المواطن التي نصره الله بها في معاركه ضد المشركين، وهذه السيدة عائشة رضي الله عنها لما نزل بها من الضيق الشديد عندما اتهمها المنافقون.

 

وردد ذلك معهم الذين لم يعوا الأمور من المسلمين، ولم يتثبتوا فيها، فاتهموا تلك المسلمة العفيفة، زوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنها قد وقعت في الفاحشة وهي منها بريئة، فصار رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخل عليها فلا يكلمها، ولا يتلطف معها كما كان يتلطف، واشتعلت الفتنة من حولها، والألسن تلوك في عرضها وهي البريئة، حتى بكت الدموع أياما متواصلة، حتى انقطع دمعها، وكان لا يأتيها النوم، ثم جاءها فرج الله بتبرئتها من فوق السبع الطباق، وفرج الله همها، وأذهب كربها، وهؤلاء الثلاثة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين خلفوا، فضاقت عليهم الأرض بما رحبت، بعد أن عزلهم الرسول صلى الله عليه وسلم عن المجتمع المسلم.

 

ونهى الناس عن تكليمهم، فصاروا غرباء في أهلهم وذويهم، حتى وصل الحال إلى أن أمر زوجاتهم بفراقهم، فصاروا كالمبتوتين من المدينة، الذين لا يتصل بهم أحد، ولا يكلمهم أحد، حتى نزل فرج الله بالتوبة عليهم، فوسع الله عليهم بعد أن كانوا في ضيق، ونفس عنهم بعد أن كانوا في كربة، وهؤلاء الثلاثة من بني إسرائيل الذين دخلوا في الغار فانطبقت عليهم الصخرة، فرج الله عز وجل عليهم بعد أن أيقنوا بالموت والهلاك، وهذا الخليل إبراهيم وسارة عليهما السلام نجاهما الله من الجبار الكافر الذي أراد أن يأخذهما، بل إن رحمة الله واسعة تشمل الكافر لو كان في كربة عندما تنزل به إذا شاء ربك أن يفرج عنه، وعن السيدة عائشة رضي الله عنها أن وليدة كانت سوداء لحي من العرب، فأعتقوها.

 

فكانت معهم، فجاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلمت، فكانت لها خباء في المسجد، أو حفش وهو البيت الصغير في ناحية من نواحي المسجد، قالت عائشة “فكانت تأتيني وتتحدث عندي، فلا تجلس مجلسا عندي إلا قالت ويوم الوشاح من تعاجيب ربنا ألا إنه من بلدة الكفر أنجاني، فقلت لها ما شأنك، لا تقعدين معي مقعداً إلا قلت هذا؟” قالت خرجت جويرية، يعني صبية لبعض أهلي، وعليها وشاح من أدم، وهذه القصة في الجاهلية، قبل أن تسلم هذه المرأة، كانت خادمة معهم، فخرجت صبية من أهلي، من الأهل الذين كانت تعيش معهم هذه الخادمة، وخرجت معها خادمتها، وكانت لهذه الصبية، كان عليها وشاح من أدم أى من جلد وفي طريق من أنه أحمر من سيور.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى