مقال

نفحات إيمانية ومع الأشتر النخعى مالك بن الحارث ” جزء 9″

نفحات إيمانية ومع الأشتر النخعى مالك بن الحارث ” جزء 9″

بقلم/ محمـــد الدكـــروى

 

ونكمل الجزء التاسع مع الأشتر النخعى مالك بن الحارث، وعن عروة وغيره قال‏‏ دعا عمرو بن العاص ابنيه فأشار عليه عبد الله أن يلزم بيته لأنه أسلم له فقال محمد‏ بن عمرو‏ أنت شريف من أشراف العرب وناب من أنيابها لا أرى أن تتخلف فقال عمرو بن العاص لابنه عبد الله‏‏ أما أنت فأشرت علي بما هو خير لي في آخرتي وأما أنت يا محمد فأشرت علي بما هو أنبه لذكري‏، وارتحل عمرو بن العاص فارتحلوا إلى الشام غدوة وعشية حتى أتوا الشام‏،‏ فقال‏ يا أهل الشام إنكم على خير وإلى خير تطلبون بدم عثمان بن عفان خليفة قتل مظلوما فمن عاش منكم فإلى خير ومن مات فإلى خير، فما زال مع معاوية بن أبى سفيان حتى وقع من أمره هذا.

 

وقد دخل مصر ووليها بعد محمد بن أبي بكر الصديق ومهد أمورها‏، ثم خرج منها وافدا على معاوية بالشام واستخلف على مصر ولده عبد الله بن عمرو وقيل خارجة بن حذافة، وحضر أمر الحكمين ثم رجع إلى مصر على ولايته ودام بها إلى أن كانت قصة الخوارج الذين خرجوا لقتل علي ومعاوية وعمرو هذا‏،‏ فخرج عبد الرحمن بن ملجم لقتل الإمام علي رضي الله عنه، وقيس إلى معاوية ويزيد إلى عمرو بن العاص وسار الثلاثة كل واحد إلى جهة من هو متوجه لقتله وتواعد الجميع أن يثب كل واحد على صاحبه في السابع عشر من شهر رمضان فأما عبد الرحمن فإنه وثب على الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه وقتله، وأما قيس فوثب على معاوية.

 

وضربه فلم تؤثر فيه الضربة غير أنه جرح وأما يزيد فإنه توجه إلى عمرو بن العاص هذا فعرضت لعمرو علة تلك الليلة منعته من الصلاة فصلى خارجة بالناس فوثب عليه يزيد يظنه عمرا فقتله وأخذ يزيد وأدخل على عمرو بن العاص فقال يزيد‏،‏ أما والله ما أردت غيرك فقال عمرو‏ بن العاص ولكن الله أراد خارجة فصار مثلا،‏ أردت عمرا وأراد الله خارجة‏،‏ وأقام عمرو بعد ذلك مدة طويله حتى مات بها، وقيل‏ إنه لما حضرت عمرو بن العاص الوفاة بكى فقال له ابنه عبد الله‏‏ أتبكي جزعا من الموت فقال‏‏ لا والله ولكن مما بعده وجعل ابنه يذكره بصحبته رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفتوحه الشام فقال عمرو‏‏ تركت أفضل من ذلك‏‏ شهادة أن لا إله إلا الله .

 

إني كنت على ثلاثة أطباق ليس منها طبقة إلا عرفت نفسي فيها‏ كنت أول شيء كافرا وكنت أشد الناس على رسول صلى الله عليه وسلم، فلو مت حينئذ لوجبت لي النار فلما بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، كنت أشد الناس منه حياء ما ملأت عيني منه فلو مت حينئذ لقال الناس‏ هنيئا لعمرو أسلم على خير ومات على خير، أحواله ثم تلبست بعد ذلك بأشياء فلا أدري أعلي أم لي فإذا أنا مت فلا يبكى علي ولا تتبعوني نارا وشدوا علي إزاري فإني مخاصم فإذا أوليتموني فاقعدوا عندي قدر نحر جزور وتقطيعها أستأنس بكم حتى أعلم ما أراجع به رسل ربي‏،‏ وفي رواية‏ أخى قيل‏ أنه بعدها حول وجهه إلى الجدار وهو يقول‏‏ اللهم أمرتنا فعصينا ونهيتنا فما انتهينا ولا يسعنا إلا عفوك‏.

 

وفي رواية‏ أخرى أنه وضع يده على موضع الغل من عنقه ورفع رأسه إلى السماء وقال‏ اللهم لا قوي فأنتصر ولا بريء فأعتذر ولا مستكبر بل مستغفر لا إله إلا أنت فلم يزل يرددها حتى مات رضي الله عنه‏، وعن عبد الله بن عمرو أن أباه قال‏‏ اللهم أمرت بأمور ونهيت عن أمور فتركنا كثيرا مما أمرت ووقعنا في كثير مما نهيت‏، اللهم لا إله إلا أنت‏، ثم أخذ بإبهامه فلم يزل يهلل حتى توفي‏، وقال الشافعي رضي الله عنه دخل ابن عباس على عمرو بن العاص وهو مريض فقال‏‏ كيف أصبحت قال‏ أصبحت وقد أصلحت من دنياي قليلا وأفسدت من ديني كثيرا‏، فلو كان ما أصلحت هو ما أفسدت لفزت‏، ولو كان ينفعني أن أطلب لطلبت ولو كان ينجيني أن أهرب لهربت‏، فعظني بموعظة أنتفع بها يا بن أخي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى