مقال

نفحات إيمانية ومع الفتنة الكبرى وموقف الأشتر النخعى ” جزء 4″

نفحات إيمانية ومع الفتنة الكبرى وموقف الأشتر النخعى ” جزء 4″

بقلم/ محمـــد الدكـــروى

 

ونكمل الجزء الرابع مع الفتنة الكبرى وموقف الأشتر النخعى، فيعتلي الأشتر جواده، ويصيح بمن حوله من يشتري نفسه ويقاتل مع الأشتر؟ فاجتمع له خلق كثير، وسلم الراية لحيَّان النخعي، وصاح شدوا شدة، فدى لكم خالي وعمى ترضون بها الرب وتعزون بها الدين، ثم نزل، وضرب وجه دابته، وقال لصاحب رايته أقدم بها، وحمل على القوم يقاتل كالأسد الهصور، فلما رأى الإمام على رضى الله عنه، تقدّمه أمدَّه بالرجال، فتقدم بهم، لا يثنيه شيء ولاح النصر إلى جانب الإمام على رضى الله عنه، وأصحابه، وبان الانكسار في معسكر أهل الشام، وارتسمت على وجوههم علائم الخذلان المبين، وإذا بالمصاحف، يرفعها أهل الشام على أسنة رماحهم.

 

قائلين هذا كتاب الله بيننا وبينكم، فتتوقف فئة من جيش الإمام على رضى الله عنه، عن القتال، يطلبون من الإمام وقف القتال، فكيف يقاتلون من يطالبهم بالاحتكام إلى القرآن، والنزول على أحكامه ؟ فيجيبهم الإمام على رضى الله عنه، إنها كلمة حق يُراد بها باطل ويأمرهم بمواصلة القتال حتى النصر أو الشهادة، وها هو الأشتر يوغل في صفوف الأعداء قدما، فيمزقهم تمزيقا، ويزيحهم عن مواقعهم، فيتراجعون القهقرى، ويصرون على إيقاف القتال، وعلى دعوة الأشتر للكف عن متابعة الزحف، وينقسم عسكر الإمام على رضى الله عنه، وتدب الفتنة بين صفوفه، فخيار الجند، وأكثرهم صلاة، وأشدهم عبادة، قد تمردوا على إمامهم، في أشد الساعات حرجا.

 

فياله من جيش، كل فرد فيه قائد، ولا يجد الإمام على رضى الله عنه، بُدا من الطلب إلى الأشتر بالعودة، ويرسل إليه، الإمام على رضى الله عنه، رسولا يحمل إليه طلبه، بالعودة والكف عن متابعة الزحف، ويفاجأ الأشتر بذلك فيتباطأ، ثم يرسل له رسولا آخر يقول له ” أقبل إليَّ فإن الفتنة قد وقعت ” ويرى الأشتر بأن مكيدة الأعداء قد انطلت على أصحابه، وإنها لفعلة عمرو بن العاص الداهية، فيقول للرسول الذي أنصت ينتظر جوابا ألا ترى إلى الفتح ألا ترى ماذا يلقون ؟ وعندما علم بأن الإمام أصبح بين يدي المتمردين من جيشه كالرهينة، وعاد إليه على عجل، ويقبل الأشتر، فإذا بالقوم مجتمعون حول الإمام على رضى الله عنه، وبعينين تقدحان شررا.

 

ينظر إلى هؤلاء الخارجين على أرادة إمامهم ورأيه، وقد فرضوا رأيهم عليه فرضا، ويدور بينه وبينهم هذا الحوار الملتهب، فيقول الأشتر ” يا أهل العراق، يا أهل الذل والوهن أحين علوتم القوم، وظنوا أنكم لهم قاهرون رفعوا المصاحف يدعونكم إلى ما فيها وهم والله قد تركوا ما أمر الله به، فيها، وسنة من أنزلت عليه، فأمهلوني فواقا ” وهي المدة ما بين حلب الناقة وحلبها ثانية” إنها في حدود الساعتين تقريبا، فإني قد أحسست بالفتح، قيرد عليه الخارجون لا، فيقول الأشتر النخعى أمهلوني عدو الفرس، فإني قد طمعت بالنصر، فيرد عليه الخارجون إذن ندخل معك في خطيئتك، فيقول الأشتر، خبّروني عنكم، متى كنتم محقين؟

 

أحين تقاتلون وخياركم يُقتلون، فأنتم الآن إذا أمسكتم عن القتال مبطلون، أم أنتم الآن محقون وقتلاكم الذين لا تنكرون فضلهم، وهم خير منكم، في النار؟ فيقول الخارجون دعنا منك يا أشتر، قاتلناهم لله، وندع قتالهم لله، فيقول الأشتر يا أصحاب الجباه السود، كنا نظن صلاتكم زهادة في الدنيا، وشوقا إلى لقاء الله، فلا أرى مرادكم إلا الدنيا، ألا قبحا يا أصحاب النيب الجلالة، ما أنتم برائين بعدها عزا أبدا، فابعدوا كما بعد القوم الظالمون، ويغلظ لهم قولا، فتثور ثائرتهم للاذع القول، وكأنه طعن المُدي، فيسبّونه، ويضرب وجوه دوابهم ويضربون وجه دابته، ويتملئ صدر الإمام على رضى الله عنه، غما وهما وهو يشهد رجاله ينقلبون عليه يتمردون، ويشفق من فتنة تثور في عسكره.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى