مقال

نفحات إيمانية ومع محمد الرحمة المهداة “جزء 7” 

نفحات إيمانية ومع محمد الرحمة المهداة “جزء 7”

 

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء السابع مع محمد الرحمة المهداة، وعن سفيان بن عبدالله الثقفي، قال قلت يا رسول الله، حدثني بأمر أعتصم به؟ قال “قل ربي الله، ثم استقم” قلت يا رسول الله، ما أخوف ما تخاف علي؟ قال فأخذ بلسان نفسه، ثم قال “هذا” وقال صلى الله عليه وسلم “أخوف ما أخاف على أمتي الأئمة المضلون” وعن جابر رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى لله عليه وسلم ” إن أخوف ما أخاف على أمتي من عمل قوم لوط” رواه ابن ماجه والترمذي، وعن أبي الدرداء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال “إن أخوف ما أخاف على أُمتي الأئمة المضلون” وإن هذه العشرة خافها النبي صلى الله عليه وسلم على أمته، ولا يعني عدم وجود غيرها.

 

وإن من سماحة النبي صلى الله عليه وسلم، هو خشيته من الله تعالى، وإن الخوف عبارة عن تألم القلب بسبب توقع مكروه في المستقبل، والخوف من الله تعالى تارة يكون لمعرفة بالله تعالى وصفاته، وتارة يكون لكثرة جناية العبد ومعاصيه، وتارة يكون بها جميعا، وبحسب معرفة العبد بعيوب نفسه، ومعرفته بجلال الله تعالى، تكون قوة خوفه، فأخوف الناس لربه أعرفهم بنفسه وبربه، ولذا كان العلماء من أكثر الناس خوفا،حيث قال الله تعالى فى كتابة العزيز ” إنما يخشى الله من عباده العلماء” فكان النبي صلى الله عليه وسلم أكثر الناس خوفا لله عز وجل، وإذا كان الخوف منبعثا من المعرفة بالله تعالى، فإنه صلى الله عليه وسلم أشد الناس خشية له سبحانه وتعالى.

 

وقد قال صلى الله عليه وسلم ” ما بال أقوام يتنزهون عن الشيء أصنعه، فو الله إني لأعلمهم بالله وأشدهم له خشية” وهكذا ارتبطت شدة الخشية بكثرة العلم، ولما كان علم الناس سيظل قاصرا عن علم رسول الله صلى الله عليه وسلم، أخبرهم النبي صلى الله عليه وسلم بأنهم لو أمكن أن يرتقوا بعلمهم ويصلوا إلى علمه صلى الله عليه وسلم لتغيرت أساليب حياتهم ولأصبح السرور لا يجد إلى نفوسهم طريقه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “والذي نفس محمد بيده لو تعلمون ما أعلم، لبكيتم كثيرا ولضحكتم قليلا” وقد نقل لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض هذا الذي لا نعلمه خبرا عما شاهده، وهو الصادق المصدوق فقال.

 

“إني أرى ما لا ترون، وأسمع ما لا تسمعون، أطت السماء، وحق لها أن تئط، ما فيها موضع أربع أصابع إلا وملك واضع جبهته ساجدا لله، لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا، وما تلذذتم بالنساء على الفرش، ولخرجتم إلى الصعدات، تجأرون إلى الله” فكان ذلك بعض ما في نفسه صلى الله عليه وسلم على الدوام من خشية الله سبحانه وتعالى، وقد جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يسألون عن عبادته صلى الله عليه وسلم، فلما أخبروا بها، كأنهم تقالوها، فقالوا وأين نحن من النبي صلى الله عليه وسلم؟ قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فكأنهم رأوا أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يحتاج إلى كثرة العبادة لمغفرة الله تعالى له.

 

ورأوا أن عليهم أن يكونوا أكثر عبادة، فلما أخبر صلى الله عليه وسلم بأمرهم قال صلى الله عليه وسلم “أنتم الذين قلتم كذا وكذا؟ أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له، لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني” فما كانت مغفرة ذنوبه لتقلل من خوفه وخشيته التي مبعثها العلم بالله، بل كانت المغفرة باعثا على الشكر وزيادة عبادته صلى الله عليه وسلم شكرا، وإذن فلن يكون إنسان أعبد لله أو أكثر خشية من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذروة العبادة والخشية هي في اتباعه صلى الله عليه وسلم، فإن خشية النبي صلى الله عليه وسلم وخوفه من الله تعالى، أمر قائم في قلبه ملازم له، لا يفارقه، ومع ذلك فقد كانت الحوادث الكونية تؤثر في ذاته، فيظهر أثر ذلك على وجهه الشريف، ويهرع إلى العبادة والذكر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى