مقال

نفحات إيمانية ومع محمد الرحمة المهداة “جزء 10” 

نفحات إيمانية ومع محمد الرحمة المهداة “جزء 10”

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء العاشر مع محمد الرحمة المهداة، فعندما شاهدوا أعلام نبوته المتظاهرة، وحسن سيرته، وجميل طريقته صلى الله عليه وسلم، وعاينوا بأنفسهم كثيرا من ذلك، فمالت نفوسهم إلى الإيمان حتى بادر خلق منهم إلى الإسلام قبل فتح مكة فأسلموا بين صلح الحديبية وفتح مكة، وازداد الآخرون ميلا إلى الإسلام، فلما كان يوم الفتح أسلموا كلهم لما كان قد تمهد لهم من الميل، وكانت العرب من غير قريش في البوادي ينتظرون بإسلامهم إسلام قريش، فلما أسلمت قريش أسلمت العرب في البوادي، وهذا كله أثر من آثار سمحاته وتسامحه صلى الله عليه وسلم في مجال الدعوة ومعاملة الناس، وصدق الله العظيم حينما قال فى سورة الأنبياء ” وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين”

 

وليتأسى الدعاة بهذا الخُلق العظيم، وليكن شعارهم ما قاله الإمام الشافعي رحمه الله ” وعاشر بمعروف، وسامح من اعتدى، ودافع ولكن بالتى هى أحسن” وكذلك سماحته وتسامحه صلى الله عليه وسلم مع أصحابه، ولقد امتلك النبي صلى الله عليه وسلم قلوب أصحابه، فامتلأت حُبّا له، وهانت عندهم الدنيا وما فيها إذا ما قورنت بالنبي العظيم صلى الله عليه وسلم، وهذا مرجعه إلى ما أودعه الله فيه من الرقة والرأفة واللطف والسماحة، فقال الله تعالى فى سورة آل عمران ” فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك” وقد تعددت المواقف التي تدل على سماحة النبي صلى الله عليه وسلم مع أصحابه لتكون شاهدة على هذا الخُلق الرفيع الذي اتسم به النبي الكريم صلى الله عليه وسلم.

 

وكذلك سماحته وتسامحه صلى الله عليه وسلم مع أهل بيته، فهي بحق مضرب الأمثال، إذ تدل دلالة قاطعة على سمو خُلقه صلى الله عليه وسلم ورقي تعامله، ولا سيما مع المرأة التي يحاول المغرضون أن يشككوا في مكانتها ومنزلتها في الدين الإسلامي الحنيف، إذ بلغ احتفاء النبي صلى الله عليه وسلم بزوجاته وأهل بيته وسماحته وتسامحه معهم مبلغا عظيما في جميع أحواله، ولما لا، وهو القائل صلى الله عليه وسلم ” خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلى” ولما لا وهو صاحب الخُلق العظيم كما زكاه ربه بذلك فقال سبحانه فى سورة القلم ” وإنك لعلى خلق عظيم” وإنه نال هذا الخُلق العظيم ليس في أرقى الأكاديميات، ولا على أيدي أعظم المربين والمؤدبين.

 

وإنما ناله فطره الله تعالى عليها، وامتن عليه، وقد جاءت السنة النبوية للدلالة على سماحته وتسامحه مع أهل بيته واضحة صريحة، دالة على عظمة سنته صلى الله عليه وسلم، ومن وجه الدلالة هو حسن معاشرة الزوجة، والسماحة في التعامل معها، وإنصافه، وحلمه، وسماحته وتسامحه مع نسائه وأهل بيته، وفيه إشارة إلى عدم مؤاخذة الغيراء بما يصدر منها لأنها في تلك الحالة يكون عقلها محجوبا بشدة الغضب الذي أثارته الغيرة، وقال ابن حجر رحمه الله، قال ابن العربي وكأنه إنما لم يؤدب الكاسرة، ولو بالكلام، لما وقع منها من التعدي، لما فهم من أن التي أهدت، أرادت بذلك أذى التي هو في بيتها، والمظاهرة عليها، فاقتصر على تغريمها للقصعة.

 

ولقد خص الله تعالى نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم بأن جعله خاتم النبيين، وآخرهم رسالة، فأرسله “بخير كتاب وأتم شريعة وأفضل ملة وأكمل دين وختم الله تعالى به النبيين والمرسلين، وأكمل بدينه كل دين” فقال الله تعالى الأحزاب “ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين وكان الله بكل شيء عليما” وقال الإمام ابن كثير “فالرسول صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، دائما إلى يوم الدين، وهو الإمام الأعظم الذي لو وجد في أي عصر لكان هو الواجب الطاعة، المقدم على الأنبياء كلهم، ولهذا كان إمامهم ليلة الإسراء لما اجتمعوا ببيت المقدس، وكذلك هو الشفيع في يوم الحشر في إتيان الرب لفصل القضاء، وهو المقام المحمود الذي لا يليق إلا له” فهو صلى الله عليه وسلم الخاتم الذي ختم به الأنبياء، والخاتم أحسن الأنبياء خَلقا وخُلقا”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى