مقال

نفحات إيمانية ومع المُسَيّب بن نجبة والثأر للحسين ” جزء 3″

نفحات إيمانية ومع المُسَيّب بن نجبة والثأر للحسين ” جزء 3″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الثالث مع المُسَيّب بن نجبة والثأر للحسين، وهم يقصدون النعمان بن بشير، وهو والي الكوفة، حتى نلحقه بالشام إن شاء الله تعالى، وقد قيل أنه لما قتل الحسين بن على، ورجع ابن زياد من معسكره بالنخيلة ودخل الكوفة، تلاقته الشيعة بالتلاوم والمنادمة، ورأت أن قد أخطأت خطأ كبيرا بدعائهم الحسين بن على، وتركهم نصرته واجابته حتى قتل إلى جانبهم، ورأوا، أنه لا يغسل عارهم والاثم عليهم إلا قتل من قتله والقتل فيهم، فاجتمعوا بالكوفة إلى خمسة نفر من رؤساء الشيعة إلى سليمان بن صرد الخزاعي وكانت له صحبته، وإلى المُسَيّب بن نجبة الفزاري وكان من أصحاب علي بن أبى طالب، وإلى عبد الله بن سعد بن نفيل الأزدي.

 

وإلى عبد الله بن وال التيمي تيم بكر بن وائل، وإلى رفاعة بن شداد البجلي، وكانوا من خيار أصحاب علي بن أبى طالب رضى الله عنه، فاجتمعوا في منزل سليمان بن صرد الخزاعي فبدأهم المُسَيّب بن نجبة وقال بعد حمد الله، فإنا ابتلينا بطول العمر، إلى أن قال وقد كنا مغرمين بتزكية أنفسنا فوجدنا الله كاذبين في كل موطن من مواطن ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد بلغنا قبل ذلك كتبه ورسله وأعذر إلينا، فسألنا نصره عودا وبدءا وعلانية، فبخلنا عنه بأنفسنا حتى قتل إلى جانبنا، لا نحن نصرناه بأيدينا ولا جادلنا عنه بألسنتنا، ولا قويناه بأموالنا ولا طلبنا له النصرة إلى عشائرنا، فما عذرنا عند ربنا وعند لقاء نبينا وقد قتل فينا ولد حبيبه وذريته ونسله.

 

لا والله لا عذر دون أن تقتلوا قاتله والموالين عليه، أون تقتلوا في طلب ذلك، فعسى ربنا أن يرضى عنا عند ذلك، ولا أنا بعد لقائه لعقوبته بآمن، إلى أن قال فما زالوا، بجمع آلة الحرب ودعاء الناس في السر إلى الطلب بدم الحسين رضى الله عنة، فكان يجيبهم النفر بعد النفر، ولم يزالوا على ذلك إلى أن هلك يزيد ابن معاوية سنة أربع وستين من الهجرة، فلما مات يزيد جاء إلى سليمان أصحابه فقالوا، قد هلك هذا الطاغية والامر ضعيف، فإن شئت وثبنا على عمرو بن حريث، وهو كان خليفة عبيد الله ابن زياد على الكوفة، ثم أظهرنا الطلب بدم الحسين رضى الله عنة، وتتبعنا قتلته، ودعونا الناس إلى أهل هذا البيت المستأثر عليهم، المدفوعين عن حقهم.

 

فلما مضت ستة أشهر بعد هلاك يزيد ثم ساروا مجدين فانتهوا إلى عين الوردة، فنزلوا غربيتها وأقاموا خمسا، فاستراحوا وأراحوا، وأقبل أهل الشام في عساكرهم حتى كانوا من عين الوردة على مسيرة يوم وليلة، فقام سليمان بن صرد في أصحابه وذكر الآخرة ورغب فيها، ثم قال أما بعد فقد أتاكم عدوكم الذي دأبتم إليه في السير آناء الليل والنهار، فإذا لقيتموهم فاصدقوهم القتال، وقال إن أنا قتلت فأمير الناس المُسَيّب بن نجبة، فلما قتل سليمان أخذ الراية المُسَيّب بن نجبة، وترحم على سليمان، ثم تقدم فقاتل بها ساعة، ثم رجع، ثم حمل فعل ذلك مرارا، ثم قتل رضي الله عنه بعد أن قتل رجالا، وقد كان المسيب بن نجبة من قادة ثورة التوابين على الدولة الأموية.

 

 

بعد مقتل الحسين بن علي رضى الله عنهم، فسير إليهم الخليفة الأموي مروان بن الحكم جيشا بقيادة عبيد الله بن زياد فقُتل في معركة عين الوردة، وثورة التوابين هي أول ثورة قامت بعد واقعة كربلاء بهدف الثأر للحسين وأصحابه الذين قتلوا هناك، و قد كانت بقيادة سليمان بن صرد الخزاعي عام خمسة وستين من الهجرة، وينقسم الكوفيون إلى ثلاث فئات، فئة قليلة وقد كانت فيمن طلب إلى الحسين القدوم إلى الكوفة ووعدته النصر فيمن وعد وهاهو الحسين رضى الله عنة، وقد أقبل مجيبا الدعوة فهي تفعل ما وعدته به وكان في هذه الفئة حبيب بن مظاهر الأسدي ونافع بن هلال الجملي وغيرهم، وفئة أخرى كانت على نقيض الفئة الأولى لا تحفل بعقيدة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى