مقال

نفحات إيمانية ومع أبا حنظله مالك بن نويرة ” جزء 3″

نفحات إيمانية ومع أبا حنظله مالك بن نويرة ” جزء 3″

بقلم / محمــــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الثالث مع أبا حنظله مالك بن نويرة، وقد كانت أفعاله وأقواله على السواء تؤيد هذا التصور، فارتداده ووقوفه بجانب سجاح بن الحارث مدغية النبوة وتفريقه إبل الصدقة على قومه، بل ومنعهم من أدائها لأبى بكر الصديق وعدم إصاخته لنصائح أقربائه المسلمين في تمرده، كل ذلك يدينه ويجعل منه رجلا أقرب إلى الكفر منه إلى الإسلام, ولو لم يكن مما يحتج به على مالك إلا منعه للزكاة لكفى ذلك مسوغا لإدانته، وهذا المنع مؤكد عند الأقدمين، وكان الخليفة أبو بكر الصديق، قاد حملات على القبائل التى ارتدت عن الإسلام، وأرسل الصحابى فى حملات عليهم من أجل ارجاعهم إلى الدين الحق، ومن بين هؤلاء كان بنى تميم، الذين توجس بعضهم فى دفع الزكاة.

 

ورفض البعض الآخر، وكان من بين هؤلاء مالك بن نويرة، ويذكر الأديب الكبير عباس العقاد فى كتابه “عبقرية خالد” أنه عندما نزل خالد بالبطاح لم يجد أمامه أحدا يلقاه بزكاة أو يلقاه بقتال، فعسكر حيث نزل وأرسل السرايا فى أثر هذا البطاح، فجاءته بمالك بن نويرة فى نفر من بنى يربوع، فحبسهم ثم أمر بقتلهم، وحدث بعد ذلك أنه تزوج بامرأة مالك ليلى أم تميم، وكانت من أشهر نساء العرب بالجمال، وخصوصا جمال العينين والساقين، ويقال إنه لم ير أجمل من عينيها ولا ساقيها، وتضطرب الروايات هنا أبعد اضطراب وأصعبه أن تهتدى منه إلى مخرج متفق عليه، فمن قائل إن السرايا وجدت بنى يربوع يصلون وسمعت الأذان، ومن قائل لم نرى صلاة ولم نسمع بأذان.

 

ومن قائل إن الأسرى قتلوا لأن الليلة كانت باردة ونادى مناد من قبل خالد أن دافئوا أسراكم، ففهم الحراس أنه يريد القتل لأنهم من بنى كنانة والمدفأة بلهجتهم كناية عنه، ومن قائل إن مالكا قتل بعد محادثة حامية جرت بينه وبين خالد، ثم تضطرب الروايات فى نقل حديثهما، فلا يدرى له نص صحيح، فقيل إن مالكا صرح بأنه لا يعطى الزكاة وإنما يقيم الصلاة، فقال خالد بن الوليد أما علمت أن الصلاة والزكاة معا لا تقبل واحدة دون الأخرى؟ فقال مالك قد كان صاحبك يقول ذلك، وهو يقصد النبى محمد صلى الله عليه وسلم، فاتخذ خالد بن الوليد قوله دليلا على تبرؤه من النبى محمد صلى الله عليه وسلم، وقال له أو ما تراه لك صاحبا، ثم حمى الجدل بينهما حتى أمر بقتله.

 

ونسجت الخرافة بعد ذلك نسيجها الذى لا يتماسك لوهيه، فزعموا أن خالدا أمر برأسه فجعل مع حجرين وطبخ على الثلاثة قدرا فأكل منه، وأن شعر مالك جعلت النار تعمل فيه إلى أن نضج اللحم ولم يفرغ الشعر وهى خرافة تروى لتدلنا على شيء واحد وهو وجود المحنقين الراغبين، فى التشهير بخالد وتبشيع أعماله وإيغار الصدور عليه، وقيل إن مالكا لمح فى عينى خالد الإعجاب بامرأته فصاح به هذه التى قتلتنى، فقال له خالد بن الوليد بل الله قتلك برجوعك عن الإسلام، ويذهب بعضهم إلى أكثر من هذا، فيزعمون أن هوى خالد لها سابق لحرب الردة، وفى ذلك يقول أبو نمير السعدى أنه قضى خالد بغيا عليه بعرسه وكان له فيها هوى قبل ذلك، وقيل إن خالدا توعد مالكا بالقتل.

 

فقال له مالك أو بذلك أمرك صاحبك؟ قال خالد وهذه بعد تلك؟ ثم تكلم أبو قتادة الأنصارى وعبد الله بن عمر فى أمره فكره خالد كلامهما، وعاد مالك يقول له يا خالد ابعثنا إلى أبى بكر فيكون هو الذى يحكم فينا، فقال خالد لا أقالنى الله إن أقلتك، وتقدم إلى ضرار بن الأزور أن يضرب عنقه ويزيدون على ذلك، أن خالدا دعا أبا قتادة الأنصارى وعبد الله بن عمر إلى حضور عقد الزواج بليلى بعد مقتل زوجها فأبيا وأشارا عليه أن يكتب إلى أبى بكر، فلم يستمع إليهمان وغضب أبو قتادة، فأقسم لا يجمعه بعد اليوم وخالدا لواء واحد، وقفل إلى المدينة غير مستأذن من قائده، فلقى الخليفة ولقى عمر بن الخطاب، فكانت غضبة عمر أشد وأعنف، وطلب إلى الخليفة أن يعزله وأن يقيده قائلا إن سيفه فيه رهق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى