مقال

أيها الفقراء إتحدوا…..

أيها الفقراء إتحدوا…..

كتبت/ زينب محمود حوسو

 

الفلسطيني بوصفه واحداً من العرب، لا يحب أن يعترف بالهزيمة، فهو مدمن على التهرب من تحمل مسؤولياته ومن الإقرار بالخطأ أو بالذنب أو بالتقصير، ولو عن غير قصد.

 

هو ضحية، والسبب غيره،

ودائماً يجد من يرمي عليه عبىء المسؤولية الثقيل،

فهو، إذا ما حانت لحظة المحاسبة، يتحول في الغالب الأعم إلى قدري، ويستحضر إيمانه المنسي ليبرر له أن ينسب ما وقع له أو ما هو فيه إلى “مشيئة الله”.

“هذا هو المكتوب.. هذه إرادة الله، ولا راد لإرادته هيك الله بدو هذا مقدر علينا، ولا ينفع حذر مع قدر هذا هو نصيبنا والإنسان لا يأخذ إلا نصيبه.. وقبل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا الخ”.

أما في الشأن السياسي فهو، بشكل عام، محازب متعصب لوجهة نظر “جماعته”، سواء أكانت هذه الجماعة تنظيماً أم عشيرة أم فئة أم جهة وصولاً إلى العائلة الكريمة وتفرعاتها،

فإذا ما أحرج أو فضل الحياد هرب بأن رمى المسؤولية على الجميع ونسي نفسه: “كلهم مثل بعضهم، الكل من العجينة ذاتها، إنهم ينهبوننا. هم يضاربون بالدولار ونحن لا نجد رغيف الخبز. كل الزعماء أولاد حرام، أثروا على حساب الشعب، على حسابنا نحن الفقراء، إنهم لا يحسون بهمومنا، ولا يهتمون بمصيرنا. هم دبروا حالهم وجلسوا على الكراسي وتركونا نموت في ذل الحاجة”.

… ويتصل المونولوغ إلى ما لا نهاية، إذا ما استمر التعميم وغابت اسماء القيادات الفذة، أما إذا ذكر اسم أو أكثر فإن المتشاكين ينقسمون فوراً أطرافاً متصارعة كل يبرئ “صاحبه” أي قائده أو زعيمه تاركاً الإدانة تطارد زعيم الآخر، أو زعماء الآخرين باعتبارهم سبب البلوى ومصدر الداء ومعطلي الحل.

 

أما إذا حضرت الحركات والأحزاب واستنفرت غرائز المتناقشين فنكون أمام أحد احتمالين: أما أن تتفجر الحرب الأهلية في الجلسة ذاتها، أو يفضل الجميع لدواعي اللياقة أو المجاملة أو ركاكة الحجة أو ضعف الأدلة أو الضجر من هذه “الشريعة” أن يعودوا إلى الاحتماء بالتعميم والتجهيل.

ولأن الانقسام عميق ومجذر ومختلطة أسبابه ومتعددة مصادره الموروثة والمنقولة و(المحمولة)، يظل المسؤول عن أي كارثة وطنية في فلسطين حراً طليقاً، وبريئاً كل البراءة في نظر فئة أو فئات، بل ربما تحول بسبب فعله إلى بطل، كيداً بالخصوم ونكاية بهم وتشفياً أو منعاً للشماتة وهذا أضعف الإيمان!

فما أسرع ما تلبس الكارثة اللباس التنظيمي، فإذا المتضرر طرف لا الكل، وإذا ثمة مستفيد منها حتى ولو كانت فائدته من نوع لحس المبرد.

حتى الجوع تحول – بأسبابه – حزبياً،

فجوع الصفةالغربية سببه من في غزة الساحلية، والعكس بالعكس،

هنا يقولون: السبب هو الحكم.

وهناك يقولون: بل السبب الحكومة

هنا يقولون: إن المضاربة على الشيكى بالدولار تتم هناك، وبالتواطؤ مع الحكم!

وهناك يقولون: لو اجتمعت التنظيمات والاحزاب لصلح الحال!

هنا يقولون: إنهم يريدون تركيعنا وإخضاعنا للهيمنة الفئوية والحزبية المتحكمة بالناس هناك!

وهناك يقولون: إنهم يريدون التمكين للسيطرة الضفة الغربية ومدها لتشمل مناطقنا المحررة.

وكالعادة ينتهي حوار الطرشان هذا بأن يتلاقى الجميع في ساحة المزايدة ونفاق الجمهور.

هكذا يزيد جوع المواطن، المتعدد الأسباب الآن، وتكتسب المراجع المسؤولة والقيادات والزعامات المزيد من المناعة، فالاتهام الجماعي والمطلق هو أقصر الطرق إلى التبرئة الجماعية والمطلقة لصناع الكارثة هؤلاء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى