مقال

نفحات إيمانية ومع الإصلاح والتنمية البشرية ” جزء 2″

نفحات إيمانية ومع الإصلاح والتنمية البشرية ” جزء 2″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الثانى مع الإصلاح والتنمية البشرية، وقال ابن كثير فى قوله تعالى “استعمركم فيها” أى جعلكم عُمارا تعمرونها وتستغلونها، وقد شرح القرطبى معنى الأعمار بقوله أى جعلكم عُمارها وسكانها، والاستعمار طلب العمارة، والطلب المطلق من الله تعالى على الوجوب، كما أن “استعمركم فيها” أى خلقكم لعمارتها، ولا شك أن عمارة الأرض تتطلب عنصرا فاعلا ومؤثرا وهو الإنسان، إذ لا يمكن أن تتم عملية الإعمار إلا بإنسان قادر ومهيأ بالإيمان والعلم والفكر والمهارة التي تمكنه من القيام بعملية الإعمار، وهذا لب التنمية البشرية التي ترتكز على تطوير الإنسان بجميع مكوناته النفسية والعملية، وأيضا من مفهوم التنميه كما جاء فى القرآن الكريم هو التنشئة.

 

فقال تعالى فى سورة هود ” هو أنشأكم من الأرض ” وقوله تعالى كما جاء فى سورة المؤمنون ” فأنشأنا لكم به جنات من نخيل وأعناب لكم فيها فواكه كثيرة ومنها تأكلون” والتنشئة تأتى بمعنى التربية والزيادة والإيجاد والتنمية، وقال ابن منظور، نشأ ينشأ، وربا وشب، وارتفع، وتقوم تنمية الموارد البشرية في الإسلام على أسس تدور حول الإنسان باعتباره الهدف الرئيسي لعمليات التنمية البشرية وبرامجها المختلفة وتقوم هذه البرامج على عدد من الأسس من أبرزها هو الاستخلاف، فقد اختار الله سبحانه وتعالى الإنسان ليقوم بمهمة الاستخلاف في الأرض، فإن من المهمات الشخصية، أنه يجب أن تكون لدينا مجموعة من الوصايا الصغرى تحدد طريقة مسارنا في حركتنا اليومية.

 

وهي بمثابة مبادئ ثابتة، وهى أن تسعى لمرضاة الله دائما، وأن تستحضر النية الصالحة في عمل مباح، ولا تجادل في خصوصياتك، فالنجاح في المنزل أولا، وأن تحافظ على لياقتك البدنية، وألا تترك عادة الرياضة مهما كانت الظروف، ولا تساوم على شرفك أو كرامتك، واستمع للطرفين قبل إصدار الحكم، وتعود استشارة أهل الخبرة، ودافع عن إخوانك الغائبين، وسهل نجاح مرءوسيك وليكن لك دائما أهداف مرحلية قصيرة، ووفر شيئا من دخلك للطوارئ، وأخضع دوافعك لمبادئك، وطور مهارة كل عام، وأسضا التنمية الشخصية على صعيد العلاقات مع الآخرين، وهى تحسين الذات أولا فإن في داخل كل منا قوة تدفعه إلى الخارج باستمرار، فنحن نطلب من الآخرين أن يقدروا ظروفنا.

 

وأن يفهموا أوضاعنا وأن يشعروا بشعورنا، ولكن قليل من الناس من يطلب هذا الطلب من نفسه، وقليل منهم من يقدر شعور الآخرين ويفهم مطالبهم، فإن الأب الذى يريد من ابنه أن يكون بارا مطالب بأن يكون أبا عطوفا أولا، والجار الذى يريد من جيرانه أن يقدموا له يد العون يجب أن يبذل لهم العون وهكذا، وليكن شعارنا هو “البداية من عندى” فإننا بحاجة في كثير من الأحيان أن نعبر عن تقديرنا وحبنا للآخرين بشكل غير مباشر يفهمه الآخرين، وإن الإشارات الغير لفظية والتي تمثل عيادة المريض أو تقديم يد العون في أزمة أو باقة ورد في مناسبة أو حتى الصفح عن زلة لهو في الغالب أشد وأعمق تأثيرا فى النفس البشرية، ولا شك أن هذا الأمر بحاجة إلى معرفة ومران وتمرس لكي نتقنه.

 

فما أجمل أن يصطفى الإنسان من إخوانه من يكون له أخا يستند إليه في الملمات ويعينه وقت الشدائد ويبوح له بما في نفسه، فيسقط معه مؤونة التكلف من جراء تلك المسافة القصيرة التي تقرب قلوبهم إلى بعضها، والإنسان بحاجة ماسة إلى هؤلاء، فقد أثبتت بعض الدراسات أن الذين يفقدون شخصا يثقون به وقريبا منهم لهم أشد عرضة للاكتئاب، بل وإن بعض صور الاضطراب العقلى تنشأ من مواجهة الإنسان لمشاق وصعوبات كبرى دون من يسانده، لذلك إن وجد الإنسان ذلك الأخ الحميم، فليحسن معاشرته، وليؤد حقوقه، وليصفح عن زلاته، وإن من الأقوال الرمزية، وهو أن كل شخص يولد وعلى جبهته علامة تقول من فضلك اجعلني أشعر أنني مهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى