مقال

الدكروري يكتب عن شهر شعبان وتحويل القبلة ” جزء 7″

الدكروري يكتب عن شهر شعبان وتحويل القبلة ” جزء 7″

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

ونكمل الجزء السابع مع شهر شعبان وتحويل القبلة، وعنهم أخذ الناس فضلها وتعظيمها، ووافقهم على تعظيمها طائفة من عباد أهل البصرة وغيرهم، وقال ابن رجب أيضا فينبغي للمؤمن أن يتفرغ في تلك الليلة أي ليلة النصف من شعبان لذكر الله تعالى ودعائه بغفران الذنوب وستر العيوب وتفريج الكروب وأن يقدم على ذلك التوبة فإن الله تعالى يتوب فيها على من يتوب، ويتعين على المسلم أن يجتنب الذنوب التي تمنع من المغفرة وقبول الدعاء في تلك الليلة وقد روي أنها الشرك وقتل النفس والزنا وهذه الثلاثة أعظم الذنوب عند الله كما في حديث ابن مسعود المتفق على صحته، وإلى أولئك المشوشين الذين يحرمون إحياء ليلة النصف من شعبان بالصلاة والذكر والدعاء ولو فرادى، ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية وأما ليلة النصف من شعبان ففيها فضل.

 

وكان في السلف من يصلي فيها، فإن الله جعل مرور الأوقات تذكرة لعباده المؤمنين، وللمؤمن في كل وقت من الأوقات عبودية لله، ومن سعادة العبد أن يعرف شرف الزمن وقيمة الوقت، وأن يعرف وظائف الأوقات حتى يعمرها بطاعة الله، والمسلم دائما يهتم بواجب الوقت الذي هو فيه، ويغتنم الفرص في كل زمان ليحقق عبوديته لله سبحانه وتعالي التي خُلق من أجلها، وإن لشهر شعبان عند الله تعالى فضيلة، وقد كانت الجاهلية تغالي في تعظيم رجب وتهمل شهر شعبان، فجعل الله له من الخصائص ما زاده مكانة في نفوس المسلمين، جعله الله شهر ختام لأعمال السنة، وقد خص الله تعالي شهر شعبان بليلة النصف المباركة، وخصه النبي صلى الله عليه وسلم بزيادة الصيام، وخصه الله تعالي بحادثة تعلن للعالم تميز المسلمين عن غيرهم.

 

وبراءتهم مِن كل ملة مخالفة، وهي حادثة تحويل القبلة، وإن تحويل القبلة حادث جلل كان له تأثيره القوي في مصير الأمة الإسلامية ونفوس المؤمنين، ونفوس الجاحدين من اليهود والمشركين والمنافقين، وهو حادث غير وجه التاريخ بحق فقد اختلت الموازين عند اليهود الذين كان يعجبهم أنه صلى الله عليه وسلم يتجه إلى قبلتهم وكأنه يتبعهم، واختلت الموازين عند القرشيين من المشركين لما أعلن المسجد الحرام وهم حوله قبلة لأمة الإسلام إيذانا بعودة المسلمين إليه وسلبه من أيدي هؤلاء المعاندين، واختلت الموازين عند المنافقين الذين ظنوا أن الإسلام أقوال لا أفعال، وأنه ما سيدعوهم إلى العمل والاجتهاد لرفعة الإسلام والمسلمين، ولقد كان تحويل القبلة حدثا عظيما، فيه من الدروس والعبر الكثير، والتي ينبغي الوقوف معها للاستفادة.

 

ومنها مكانة النبي الكريم محمد صلي الله عليه وسلم وعالمية رسالته، فإن الله تعالى قد أخبر نبيه في مكة وقت معاندة المشركين له بقوله كما جاء في سورة سبأ ” وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا ونذيرا” وقوله سبحانه وتعالي كما جاء في سورة الفرقان ” تبارك الذي نزل الفرقان علي عبده ليكون للعالمين نذيرا” وقوله سبحانه وتعالي لما اتهموه باتباع أساطير الأولين، كما جاء في سورة الفرقان ” وقالوا أساطير الأولين اكتتبها فهي تملي عليه بكرة وأصيلا، قل أنزله الذي يعلم السر في السموات والأرض إنه كان غفورا رحيما” وقوله تعالي لما اتهموه بأنه يعلمه بشر، كما جاء في سورة النحل ” ولقد نعلم أنهم يقولون إنما يعلمه بشر لسان الذي يلحدون إليه أعجمي وهذا لسان عربي مبين” وكل هذه نصوص من القرآن الكريم نزلت في مكة المكرمة.

 

تشير إلى عالمية دعوة الإسلام ورسالة النبي صلى الله عليه وسلم، وأنه غير تابع لأهل الكتاب، ودعوته ليست مقتصرة على قومه فقط كما كان من قبله من الأنبياء، ولقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم المسلمين وهو في مكة بعدما اشتد بهم الأذى من قريش بعالمية الدعوة وانتشارها، فعن خباب بن الأرت رضي الله عنه، قال “شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو متوسد بردة له في ظل الكعبة، قلنا له ألا تستنصر لنا؟ ألا تدعو الله لنا؟ قال صلى الله عليه وسلم “كان الرجل فيمن قبلكم يحفر له في الأرض، فيجعل فيه، فيجاء بالمنشار فيوضع على رأسه، فيشق باثنتين وما يصده ذلك عن دينه، ويمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه من عظم أو عصب، وما يصده ذلك عن دينه، والله ليتمن هذا الأمر، حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله أو الذئب على غنمه، ولكنكم تستعجلون” رواه البخاري.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى