مقال

نفحات إيمانية ومع التفكر فى كتاب الله عز وجل ” جزء 10″

نفحات إيمانية ومع التفكر فى كتاب الله عز وجل ” جزء 10″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء العاشر مع التفكر فى كتاب الله عز وجل، فمن اتقى الله واجتهد في طلب العلم، وسأل عما أشكل عليه وأخلص لله في ذلك فالله سبحانه وتعالى يجعل له فرقان يعطيه العلم، ويوفقه ويهديه سبحانه فضلا منه وإحسانا عز وجل، هذا شأنه تعالى مع أوليائه وأهل طاعته والصادقين في محبته، واتباع ما يرضيه سبحانه فهو أهل الجود والفضل يهديهم ويعينهم ويوفقهم، ولكن نجد أن كثير من الناس هجر القرآن الكريم، والهجر هو الترك، أي تركوا القرآن، ومعنى تركوه؟ يعني لا يقرؤونه، وهذا نوع من الترك، لكن ليس الترك هو عدم القراءة فقط، فإن الهجر يكون الهجر للتلاوة وعدم قراءة القرآن، فكثير من الناس قد يمر عليه سنة ولم يقرأ القرآن، ودعك من الأيام والشهور.

 

فقد تمر عليه سنة ما قرأ القرآن وإن قرأ شيء منه فإنه لا يكمله وهذا هو هجر ترك التلاوة، وإن النوع الثاني من الهجر، هو هجر التدبر، فإن بعض الناس يقرأ القرآن ربما يختم الختمات الكثيرة في اليوم والليلة، وفي الشهر والأيام ويردد القرآن لكن لا يتدبره وإنما هي ألفاظ تجري على لسانه فقط بدون أن يتدبرها وأن يراجع تفسيرها وأن يعرف معناها مع أن هذا واجب عليه، وأما عن النوع الثالث، فهو هجر العمل، فقد يكون الإنسان يتلو القرآن ويحفظه وربما يحفظه بالقراءات العشر وربما أنه يحفظه ويتدبره ويعرف التفسير لكنه لا يعمل به، فيهجر العمل بالقرآن، وإن العمل هو الغاية وهو المطلوب، فإن تعلم القرآن وتلاوة القرآن والتدبر هذه وسائل.

 

ولكن الغاية والمطلوب هو العمل، فعلى حامل القرآن وكل مسلم يحمل القرآن أو يحمل بعضه عليه أن يتدبر القرآن، وعليه أن يتلو القرآن، وأن يعمل به عليه وأن يحفظ القرآن ويتلو القرآن وعليه أن يتدبره وعليه أن يعمل به، وإلا فإنه سيكون هاجرا للقرآن بأى نوع من أنواع الهجر المذكورة، كذلك من أنواع الهجر هو هجر الحكم بالقرآن، وإن كثير من الدول التي تدّعي الإسلام لا تحكم بالقرآن وإنما تحكم بالقوانين الوضعية وهي مسلمة تدعي الإسلام، أين هو القرآن من الإسلام؟ فالواجب أن يُتخذ القرآن هو الحكم، فالله عز وجل أنزل الكتاب ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه، فيجب تحكيم القرآن الكريم، فقال الله سبحانه وتعالى فى سورة المائدة.

 

” فاحكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم عما جاءك من الحق ” فعلى كل مسلم على حسب مسؤوليته في هذه الحياة أن يعمل بالقرآن حاكما ومحكوما، ذكرا وأنثى، عالما، متعلما، جاهلا، كل عليه أن يتعامل مع هذا القرآن ليلا ونهارا لأنه هو الطريق الصحيح إلى الله سبحانه وتعالى فهو حبل الله المتين، وهو الذكر الحكيم، وهو صراط الله المستقيم، هو الحجة، حجة لك أو عليك، هذا هو كتاب الله، هذا هو القرآن، علينا أن نعرف قدره، وأن نعمل به، وعلينا أن نجله، وأن نعظمه وأن نعمل به آناء الليل وآناء النهار، أن نكثر من تلاوته، نرطب ألسنتنا بتلاوته، ننير صدورنا وقلوبنا بالقرآن، ننور بيوتنا بالقرآن وتلاوة القرآن بدلا من الأغاني، بدلا من المحطات والفضائيات.

 

والغوغاء والكلام السيء، يكون تلاوة القرآن يصدح في البيوت منا ومن أولادنا ونسائنا ومن المحطات التي تتلو القرآن نفتح عليها ولا نفتح على الأغاني ونفتح على الفتن ونفتح على الهرج والمرج ونفتح على الشرور التي تموج في الناس هذه أمور تشغل الإنسان وتشوش فكره وتبعده عن القرآن ولا حول ولا قوة إلا بالله، وإن من أهم حقوق القرآن علينا هو تعاهده واستذكاره خوفا من ضياعه ونسيانه، وقد حث الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم على تعاهد القرآن الكريم وضرب لذلك مثلا رائعا فعن أبى موسى الأشعرى رضى الله عنه، عن النبى الكريم صلى الله عليه وسلم قال ” تعاهدوا هذا القرآن فوالذى نفس محمد بيده لهو أشد تفلتا من الإبل فى عقلها ” رواه مسلم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى