مقال

نفحات إيمانية ومع أصدق الحديث وطريق الرشاد ” جزء 6″

نفحات إيمانية ومع أصدق الحديث وطريق الرشاد ” جزء 6″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء السادس مع أصدق الحديث وطريق الرشاد، وإن الجوانب الإنسانية في القرآن الكريم مهمة جدا لأن القرآن الكريم نزل علي إنسان وهو النبي صلي الله عليه وسلم، وخاطب الإنسان وهم جميع الناس، وإن الرسالة المحمدية بجموعها رسالة إنسانية، فقد جاءت لتراعي إنسانية الإنسان فيما تأمر به أو تنهي عنه، وإذا نظرنا إلى المصدر الأول للإسلام وهو القرآن كتاب الله، وتدبرنا آياته، وتأملنا موضوعاته واهتماماته، نستطيع أن نصفه بأنه، كتاب الإنسان، فالقرآن كله إما حديث إلى الإنسان، أو حديث عن الإنسان، ولو تدبرنا آيات القرآن الكريم كذلك لوجدنا أن كلمة الإنسان تكررت في القرآن ثلاثا وستين مرة، فضلا عن ذكره بألفاظ أخرى مثل بني آدم التي ذكرت ست مرات.

 

وكلمة الناس التى تكررت مائتين وأربعين مرة في القرآن وكلمة العالمين وقد وردت أكثر من سبعين مرة والحاصل أن إنسانية الإسلام تبدو من خلال حرص الشريعة الإسلامية وتأكيدها على مجموعة من القضايا المهمة، ولعل من أبرز الدلائل على ذلك أن أول ما نزل من آيات القرآن على رسول الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم خمس آيات من سورة العلق ذكرت كلمة الإنسان في اثنتين منها، ومضمونها كلها العناية بأمر الإنسان، فقال الله تعالى فى سورة العلق ” اقرأ بسم ربك الذى خلق، خلق الإنسان من علق، اقرأ وربك الأكرم، الذى علم بالقلم، علم الإنسان ما لم يعلم ” وإذا نظرنا إلى الشخص الذي جسد الله فيه الإسلام، وجعله مثالا حيا لتعاليمه وقيمه الإنسانية.

 

وكان خُلقه القرآن، نستطيع أن نصفه بأنه الرسول الإنسان وإذا نظرت في الفقه الإسلامي وجدت العبادات، لا تأخذ إلا نحو الربع أو الثلث من مجموعه، والباقي يتعلق بأحوال الإنسان من أحوال شخصية، ومعاملات، وجنايات، وعقوبات، وغيرها، وإن العبادات كلها فيها معاني إنسانية سامية فالزكاة المفروضة مثلا ليست ضريبة تؤخذ من الجيوب، بل فيها معاني إنسانية سامية، فهي غرس لمشاعر الحنان والرأفة، وتوطيد لعلاقات التعارف والألفة بين شتى الطبقات، وقد نص القرآن الكريم على الغاية من إخراج الزكاة بقوله تعالى فى سورة التوبة ” خذ من أموالهم صدقه تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم ” وفي الصيام نعلم أن رمضان هو شهر الأخلاق ومدرستها.

 

فهو شهر الصبر، وشهر الصدق، وشهر البر، وشهر الكرم، وشهر الصلة، وشهر الرحمة، وشهر الصفح، وشهر الحلم، وشهر المراقبة، وشهر التقوى، وكل هذه أخلاق إنسانية يغرسها الصوم في نفوس الصائمين وذلك من خلال قوله تعالى فى سورة البقرة ” يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون ” بكل ما تحمله كلمة التقوى من دلالات ومعان إيمانية وأخلاقية وإنسانية، وكذلك شعيرة الحج هى مدرسة أخلاقية وإنسانية فيجب على الحاج اجتناب الرفث والفسوق والجدال والخصام في الحج، فضلا عن غرس قيم الصبر وتحمل المشاق والمساواة بين الغني والفقير والتجرد من الأمراض الخلقية، ولقد ضرب لنا النبي صلى الله عليه وسلم أروع الأمثلة.

 

في القيم والمعاني الإنسانية والخلقية قبل البعثة وبعدها وقد شهد له العدو قبل القريب، وكان ذلك واضحا فى قول السيدة خديجة رضى الله عنها فيه صلى الله عليه وسلم لما نزل عليه الوحي وجاء يرجف فؤاده، فقالت له ” كلا والله ما يخزيك الله أبدا، إنك لتصل الرحم وتحمل الكل وتكسب المعدوم وتفرى الضيف وتعين على نوائب الحق ” بل إن الرسول صلى الله عليه وسلم صاحب الرسالة المحمدية كان مشهورا وملقبا في قريش قبل البعثة بالصادق الأمين، وأما بعد البعثة فقد شهد له ربه بقوله تعالى فى سورة القلم ” وإنك لعلى خلق عظيم ” ولقد شهدت له زوجته السيدة عائشة رضي الله عنها وهي ألصق الناس به، وأكثرهم وقوفا على أفعاله في بيته، بأنه صلى الله عليه وسلم” كان خلقه القرآن”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى