مقال

نفحات إيمانية ومع الأمة الإسلامية والحفاظ على هويتها ” جزء 5″

نفحات إيمانية ومع الأمة الإسلامية والحفاظ على هويتها ” جزء 5″

بقلم / محمـــد الدكـــروى

 

ونكمل الجزء الخامس مع الأمة الإسلامية والحفاظ على هويتها، ومن المهم أن يسعى الإنسان إلى اكتشاف نفسه والحرص على أن يكون نفسه، واستثمار نقاط القوة من أجل تحقيق الهدف الذي خُلق من أجله، وأيضا المشاركة في الأنشطة الاجتماعية والأعمال التطوعية، فمثل هذه النشاطات تزيد الثقة في النفس، وتشعر الإنسان بأن له قيمة في الحياة، وكذلك اختيار الأصدقاء الجيدين، فالأصدقاء يؤثرون بشكل كبير على حياة الإنسان، واختياراته، فمن المهم اختيار الأصدقاء المتفائلين الناجحين الداعمين، وأيضا التركيز على الحاضر، حيث أنه من أخطر الأمور التي قد تعيق حياة الإنسان، العيش في الماضي أو القلق من المستقبل، وأفضل ما يفعله الإنسان أن يستثمر في الحاضر ولا يعيش آلآم الماضي.

 

ولا يقلق بشأن المستقبل، والذي كان يعيش فترة العز في العالم الإسلامي كان أمة واحدة تظله راية لا إله إلا الله محمد رسول الله، وكان المسلم يخرج من طنجة حتى ينتهي به المقام في بغداد لا يحمل معه جنسية قومية أو هوية وطنية، وإنما يحمل شعارا إسلاميا هو كلمة التوحيد، فكلما حل أرضا وجد فيها له أخوة في الإيمان وإن كانت الألسنة مختلفة والألوان متباينة لأن الإسلام أذاب كل تلك الفوارق واعتبرها من شعارات الجاهلية، حينها يدرك الفرد المسلم أنه بقدر تقربنا لأعداء عقيدتنا وديننا وحضارتنا الإسلامية، فإنه ينعكس ذلك عليهم بمزيد من الكراهية والحقد الدفين، وبقدر ما يأخذ المسلم من هويات الآخرين القبيحة من ناحية الأخلاق أو القيم والمبادئ.

 

فإنه سيؤثر ذلك سلبا على عقيدته وفكره وتحركاته وتوجهاته، كما قال الإمام ابن تيمية “من شأن الجسد إذا كان جائعا فأخذ من طعام حاجته استغنى عن طعام آخر، حتى لا يأكله إن أكل منه إلا بكراهة وتجشّم، وربما ضرّه أكله، أو لم ينتفع به، ولم يكن هو المغذي له الذي يقيم بدنه، فالعبد إذا أخذ من غير الأعمال المشروعة بعض حاجته، نقصت رغبته في المشروع وانتفاعه به، بقدر ما اعتاض من غيره بخلاف من صرف نهمته وهمته إلى المشروع، فإنه تعظم محبته له ومنفعته به، ويتم دينه، ويكمل إسلامه، ولهذا أدرك أعداء الإسلام مدى ضرورة فتح المدارس الأجنبية في البلاد الإسلامية وذلك لعملية التطهير الديني والتبشير بعقائدهم المناقضة لدين الإسلام.

 

حتى ولو كان في تلك المدارس بعض الأدبيات والمناهج الإسلامية، ولكن البيئة الخاصة بها والموجهين والمعلمين والسياق العام فيها يخالف ما يتبناه الإسلام ويتغياه من صناعة فرد مسلم متكامل النسيج الديني والأخلاقي، فنجد أن الحاكم العسكري في مصر كرومر في عهد الاحتلال البريطاني لمصر كان يؤكد على ضرورة فتح مدارس تغريبية وأهميته في إفساد عقائد المسلمين بأن أبناء مدرسة فيكتوريا سيكونون جسرا بين الثقافة الإسلامية والثقافة الأجنبية، وسيكون هؤلاء أتباعا للغرب ينادون بالهوية الغربية ويحاربون الإسلام والمسلمين، بل حصل شيء من ذلك في الجزائر حيث أنشأت فرنسا عددا من المدارس سميت زورا المدارس العربية.

 

لكن تلك الخديعة الكبرى لم تنطل على بعض مشايخ الجزائر حيث وصف الشيخ محمد السعيد الزاهري تلامذة تلك المدرسة بأنهم لا يصلون ولا يصومون ويتحدثون فيما بينهم باللغة الفرنسية بل إنهم في رأيه لا يكادون يؤمنون بالله وباليوم الآخر، لهذا كان للتعليم دور رئيس وعظيم ومهم وخطير في لمحافظة على الهوية الإسلامية وصيانتها ورعايتها، لأجل هذا نجد أن جمعية العلماء الجزائريين وقفت جدارا صلبا، وترسانة ضخمة في وجه الإدماج وتذويب الهوية و نشرت العلم والهدى والنور وبنت المدارس وأسّست الصحف الإصلاحية وحاربت الشرك والبدع، وعكف الإمام عبد الحميد بن باديس على تفسير كتاب الله لربع قرن من الزمن، حتى بلغ عدد طلابه إلى ألف طالب، و مما كان يقوله لهم “إن الشعب المتعلم لا يُستعمر”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى