مقال

نفحات إيمانية ومع وتواصــوا بالحــق ” جزء 5″

نفحات إيمانية ومع وتواصــوا بالحــق ” جزء 5″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الخامس مع وتواصوا بالحق، وإن حساب الله عز وجل للإنسان حق لا ظلم فيه، فقال تعالى كما جاء فى سورة النور ” يومئذ يوفيهم الله دينهم الحق ويعلمون أن الله هو الحق المبين” فإذن نجد أن كلمة الحق في القرآن الكريم والسنة كلمة متكررة، لها وزن كبير، ولها مدلولات عميقة، وبعد أن عرفنا تعريف الحق، وارتباط الحق بالله سبحانه وتعالى، ومن أسمائه الحق، فلنتعرف على صفات الحق، فإنه لما خلق الله تعالى السموات والأرض، خلقهما بالحق، وأخبر أنه الحق، وأن شرعه حق، وأنه دعا العباد إلى سبيل الحق، ويريد الله للحق أن يحق، فإن من رحمة الله تعالى أن جعل للحق علامات، ولم يترك البشر يضطربون في معرفة الحق.

 

أو تركهم في حيرة، بل نصب الله للحق علامات، فهذه الكتب التي أنزلها، وهذه الرسل التي بعثها، وهؤلاء الدعاة الصادقين الذين قيّضهم، وهذه الأدلة التي ركزها في الفطرة، وفي القرآن الكريم، وفي الواقع للدلالة على الحق، حتى لا يكون لأحد حجة يقول ما علمت، ما دريت، فالحق له صفات، وصفات الحق جميلة، وتميزه عن الباطل، ولن يشتبه الحق بالباطل عند من يريد معرفة الحق، ويستمد من الله تعالى العون والتوفيق، ويسلك السبل التي أرشده الله إليها في معرفة الحق، أما من أغمض عينه، وأصم أذنه، فلن تملك له من الله شيئا، والشمس ساطعة في وضح النهار، لكن من تعامى عنها وأغلق عينيه لن يراها، فقال تعالى كما جاء فى سورة البقرة ” صم بكم عمى فهم لا يعقلون”

 

وقال تعالى كما جاء فى سورة الأنعام ” أو من كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشى به فى الناس كم مثله فى الظلمات ليس بخارج منها” فإن الحق إلهى المصدر، وإن أهم صفة للحق أنه إلهي المصدر، فمن أراد البحث عن الحق، فلا يمكن أن يبحث عن الحق في نظريات الغربيين والشرقيين مثلا، ولا في معامل الأبحاث والمختبرات، ولا يمكن أن يبحث عنه في آراء الناس، ولا يمكن أن يكون الحق في وسائل الإعلام، أو أن يبحث عن الحق في المصادر البشرية مثلا، وأعظم ميزه للحق أنه إلهي المصدر، ولذلك هناك أناس عندهم مشكلة حقيقة، يبحثون يذهبون، يأخذون، ينظرون، يقولون دعونا نرى ماذا لدى الهنود، والصينيين، والأوربيين، والغربيين؟ وماذا عند هؤلاء؟ وماذا عندهم؟

 

وهناك أناس تبحث، وتقرأ، ولربما ضاعت على أحدهم سنين طويلة وهو البحث، وربما يموت ولم يصل بعد، لكن الذى يعرف أن الحق إلهي المصدر، لا يمكن أن يبحث عن الحق في غير المصادر الإلهية، والمصادر الإلهية هي الوحي، ليست عندنا مصادر أخرى، فالحبل الذي بيننا، وبين الله هذا الكتاب، وهذه السنة، فالذي يريد أن يبحث عن الحق خارج الكتاب والسنة ضال، ولن يصل، ويقول تعالى كما جاء فى سورة الأحزاب ” ولن تجد لسنتنا تبديلا” فهذا الحق الذى جاء من عند الله، هذا الحق وحى إلهى وتشريع ربانى فقال تعالى كما جاء فى سورة النساء” إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ” وقال تعالى فى سورة النساء ” يا أيها الناس قد حاءكم برهان من ربكم”

 

وإن المصدر من المصدرية، فقال تعالى فى سورة النساء ” من ربكم وأنزلنا إليكم نورا مبينا” فليس الحق نابع من إرادة، أو طبقة، أو حزب، أو قبيلة، أو شعب، أو أكثرية، أو ديمقراطية، ولا يمكن البحث عن الحق في الرأس مالية، والعلمانية، والليبرالية، والمذاهب البشرية، لأن الحق ليس له إلا مصدر واحد فقط، أنه من عند الله عز وجل، والدليل هو قوله تعالى فى سورة الكهف ” وقل الحق من ربكم ” فبذلك انتهت القضية، والمعنى هو قل للناس يا محمد إن الحق الذى لا مرية فيه هو من الله تعالى الذى خلقهم، وقال تعالى كما جاء فى سورة آل عمران ” الحق من ربك فلا تكن من الممترين” وكل مصدر آخر معرض للخلل، والضلال، والزيغ، والانحراف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى