مقال

نفحات إيمانية ومع أبو الأسود الدؤلي الكناني ” جزء 5″

نفحات إيمانية ومع أبو الأسود الدؤلي الكناني ” جزء 5″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الخامس مع أبو الأسود الدؤلي الكناني، لذلك كان التنقيط الذي وضعه أبو الأسود الدؤلى المبني على وضع الحركات في موضعها الصحيح ذا أهمية بالغة، في معرفة المرفوعات بالضم، والمنصوبات بالفتح، والمجرورات بالكسر، ووسمها بالدلالات التي تميز كل واحد منها، كأن تكون المرفوعات للدلالة الفاعلية، والمُبتدئية، والخبرية وهكذا، والجدير بالذكر أن تلامذة أبو الأسود الدؤلى لم يقفوا على القواعد والضوابط الموجزة التي أوجدها معلمهم بل اعتبروها بذرة علم النحو وأضافوا عليها لتصبح أكثر نضجا وثراء، فهذا عبد الله بن أبي اسحق الحضرمي يكتب في الهمز ودلالته، أما عيسى بن عمر فقد ألف كتابي الجامع والكمال.

 

فيما شرح سيبويه كتاب الجامع، وبسّطه وزاد عليه من كلام الخليل وغيره، والجدير بالذكر أن الروايات التي تنسب الوضع الأولي لعلم النحو، تروي أن ألإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه هو أول من وضعه، وذلك يعود للروايات التي جاءت على لسان أبو الأسود الدؤلى نفسه، والتي رد فيها أساس هذا العلم لعلي بن أبي طالب، لا سيما عندما سُئل عن النحو ومن أين أتى به، فأجاب قائلا ” لفقت حدوده من علي بن أبي طالب رضي الله عنه” وكان أبو الأسود الدؤلى كلما صنف بابا في النحو عرضه عليه رضي الله عنه إلى أن وضع الضوابط العامة لعلم النحو، مما يدفع الباحث للقول بأن أبو الأسود الدؤلى كان له الفضل بإيجاز الدلالات المختلفة لكيفية نطق الكلام بشكل صحيح.

 

وعلى صورة بسيطة للابتعاد عن اللحن الذي وجد في عهده، ولحاجة الملوك في ذلك العهد لفهم النصوص القرآنية واستنباط الأحكام منها، ومن قصص اللحن التي دفعت الدؤلي لأن يفعل ما فعل ما حدث له مع ابنته التي أخطأت في التعبير حين قالت “ما أشدُ الحرّ” قاصدة التعجب، فصحح لها أبوها ذلك بقوله “ما أشدَّ الحرّ، بالإضافة إلى قصة الأعرابي الذي أخطأ في لفظ الآية في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فلما سمع بذلك، أمر باقتصار قراءة القرآن الكريم على علماء اللغة، وكما تقول القصة فقد وكّل أمر وضع النحو إلى أبو الأسود الدؤلى حينها، وهذه كلها دوافع ليقدم أبو الأسود الدؤلى على إيجاد مفاتيح النحو الأولى، ليأتي تلامذته من بعده فيضيفوا ما أضافو على هذا العلم.

 

للتخلص من الآفات التي طالت اللغة، وقد تولى أبو الأسود الدؤلى عددا من المناصب بالبصرة في خلافة عمر بن الخطاب وخلافة عثمان بن عفان، ولما قامت الفتنة كان أبو الأسود في شيعة علي بن أبي طالب، وقاتل معه في موقعة الجمل، وقد ولاه علي قضاء البصرة في ولاية عبد الله بن عباس على البصرة، وقد استخلفه ابن عباس على البصرة لما ذهب ليحضر التحكيم بعد موقعة صفين، وقد أقر الإمام علي بن أبي طالب ذلك، وقد ساهم أبو الأسود مع الإمام علي بن أبي طالب في كثير من الحوادث والمعارك التي حدثت أيام خلافة الإمام على، فاشترك في صفين والجمل ومحاربة الخوارج كما يؤكد ذلك المؤرخون وعندما وقعت موقعة الجمل، فكان لأبي الأسود في حرب الجمل.

 

دور فعال يشير إليه المؤرخون، فقد أرسل من قبل عامل الإمام علي بن أبى طالب على البصرة عثمان بن حنيف لمفاوضة السيدة عائشة وطلحة والزبير رضى الله عنهم أجمعين، وقد شارك أيضا في حرب صفين، حيث رشح نفسه للتحكيم، فيقول صاحب روضات الجنات أن أبو الأسود قد التمس من الإمام على أن يكون شريكا مع الحكمين، لكن أهل الباطل لم يرضوا به ولا بمشاركته مع أحد، وكان أبو الأسود من المتحققين بولاية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ومحبته وصحبته ومحبة ولده، وبعد مقتل الإمام علي، أوذي أبو الأسود لمحبته الإمام علي، إلا أنه حين وفد على معاوية بن أبي سفيان أدنى مجلسه وأعظم جائزته، كما كان مقربا من الوالي زياد بن أبيه الذي عهد إليه بتأديب ولده عبيد الله.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى