مقال

نفحات إيمانية ومع فأصابتكم مصيبة الموت ” جزء 4″

نفحات إيمانية ومع فأصابتكم مصيبة الموت ” جزء 4″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الرابع مع فأصابتكم مصيبة الموت، وعن أنس بن مالك رضى الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “لا يتمنين أحدكم الموت لضُر نزل به، فإن كان لا بد مُتمنيا فليقل اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرا لي، وتوفني ما كانت الوفاة خيرا لي ” متفق عليه، ولهذا جاء في هذا الحديث الشريف أكثروا ذكر هادم اللذات الموت، ويعني اجعلوه على بالكم كثيرا حتى تعدوا العدة، والهادم هو القاطع، لأنه يقطع اللذات في الدنيا، ولكنه يدني من لذات الآخرة، ويقرب من لذات الآخرة، وأولها ما يحصل له في قبره، ولروحه في الجنة، فهو يقطع لذات الدنيا، ولكنه في حق المؤمن ينقله إلى لذات الآخرة ولذات الجنة وما يحصل فيها من الخير العظيم.

 

فإن روح المؤمن طائر يعلق بشجر الجنة حتى يردّه الله تعالى إلى جسده، كما جاء في الحديث الصحيح، فإن فالغفلة عن الموت وعمّا بعد الموت من أسباب الطغيان والفساد والاستمرار في الشر، أما تذكر الموت وما بعده فهو من أسباب التوبة والإقلاع والاستعداد للآخرة، ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ” لا يتمنين أحدُكم الموت لضُر نزل به، فإن كان لا بد مُتمنيا فليقل اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرا لي، وتوفنى إذا كانت الوفاة خيرا لي” وهذا يعني أنه إذا أصاب الإنسان ضر من مرض أو شدة فقر، أو خوف أو ما أشبه ذلك، فلا يقل “ليتني أموت” أو “اللهم أمتني” لا، ما يدرى لعل الحياة خير له، لكن يقول اللهم أحيني إذا كانت الحياة خيرا لي.

 

وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي، فيجعل الأمر إلى الله تعالى، فهو أعلم بالعواقب، ولا يقل “اللهم أمتني، اللهم اختر لي الموت” أو “اللهم عجل موتي” أو ما أشبه ذلك، لا، بل يأتي بعبارة أحسن فيقول اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرا لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي، فإن القلوب تقسو وتغفل، ولذلك لا بد من تعاهدها بالوعظ والتذكير، والله عز وجل قد جعل أمورا كثيرة لنتعظ ولنتذكر، منها المعنوية ومنها الحسية، ومن هذه الأمور، هادم اللذات، ومفرق الجماعات، إنه الموت، فهو حق لا ريب فيه، ولا أحد من الناس ينكره، وكيف ينكره؟ وهو يرى مصارع قومه، وأفراد أسرته، ويسمع ويقرأ ما يحل بغيره من الويلات والنكبات.

 

ويقول الله عز وجل ذكره كما جاء فى سورة آل عمران ” كل نفس ذائقة الموت ” ويقول سبحانه وتعالى كما جاء فى سورة الرحمن ” كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام ” ولكن وللأسف الشديد، نرى كثيرا من إخواننا من قد ينسى أو يتناسى هذه الحقيقة، وكأن الموت لا يعنيه، أو أنه مخلد لا يموت، ولم يسأل نفسه أين آباؤه وأجداده؟ وأين بعض أبنائه وأزواجه، وأين أقاربه وجيرانه وخلانه؟ بل وأين خير من وطئ الثرى، رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ؟ ألم يقرأ قول الملك العلام، وهو ينعي حبيبه محمد صلى الله عليه وسلم كما جاء فى سورة الزمر ” إنك ميت وإنهم ميتون ” وإن عند الموت للإنسان فإن هناك عدد من العلامات.

 

التي بحدوثها وظهورها، نعلم أن هذا الإنسان قد كانت خاتمته حسنة، والله سبحانه وتعالى أعلم، ومن هذه العلامات الدالة على ذلك وهو أن ينطق الإنسان بالشهادة عند الموت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” لقنوا موتاكم لا إله إلا الله، فإن من كان آخر كلامه لا إله إلا الله عند الموت دخل الجنةَ يوما الدهر، وإن أصابه قبل ذلك ما أصابه” وأن يكون جبينه متعرقا عند الموت، وكذلك أن يموت في يوم الجمعة أو ليلتها، وأن يموت مستشهدا في ساحة القتال ابتغاء مرضاة الله تعالى، أي أن القتال كان في سبيله، ومن سأل الله سبحانه وتعالى، أن يرزقه الشهادة بصدق، فإن منزلته كمنزلة من جاهد وإن لم يجاهد بالفعل أو أن يموت وهو في طريقه للقتال في سبيل الله تعالى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى