مقال

نفحات إيمانية ومع مصر بلد الأمن والأمان ” جزء 2″

نفحات إيمانية ومع مصر بلد الأمن والأمان ” جزء 2″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الثانى مع مصر بلد الأمن والأمان، فلما استشهد عمر بن الخطاب، ومرض الرجل مرة أخرى طلب ممن يعوده أن يقرأ عليه بفاتحة الكتاب كما صنع عمر، فلما قرأ عليه الراقي الفاتحة واضعا يده، على الجزء المريض في جسده، ثم قال له كيف أنت؟ فرد عليه قائلا له كما أنا، فقال الراقي، والله إن الفاتحة هي الفاتحة ولكن أين يد عمر؟ وكذلك وأنا أقول لكم، إن مصر هي مصر ولكن أين عمر؟ وإن لعظم قدر مصر منذ القديم افتخر الهالك فرعون بأنه يملكها دون غيرها، فقال كما حكى الله عز جل عنه “أليس لى ملك مصر” فقال عمرو بن العاص رضي الله عنه، إن ولاية مصر جامعة تعدل الخلافة، وهذا يعني أن ولاية كل بلاد الإسلام في كفة، وولاية مصر في كفة.

 

وقد قال سعيد بن هلال، إن مصر أم البلاد، وغوث العباد، وإن مصر مصورة في كتب الأوائل، وقد مدّت إليها سائر المدن يدها تستطعمها، وذلك لأن خيراتها كانت تفيض على تلك البلدان، وإن مصر هي البلد الوحيد، الذي أوصى الله أنبيائه ورسله عليهم السلام، أن يذهبوا إليها، فقد أمر الله تعالى، نبيه موسى وأخاه هارون، أن يتخذوا بيوتا لهم، ولقومهم بمصر، وإن ذكر مصر في القرآن الكريم والسنة النبويه الشريفه، هو أكبر دليل على أهمية هذه البلد ومكانتها عند الله تعالى، وعند رسوله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وإذا كان الله تعالى ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم، قدما لنا الوصية بمصر وأهلها خيرا، فعلينا أن نمتثل أمر الله تعالى، وأمر رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم، ولا شك أن الله تعالى.

 

إذا ذكر شيئا وعظمه فإن تعظيمه وتشريفه وتكريمه من تعظيم وتكريم الله تعالى، وقد قال قتادة، إن الله اصطفى صفايا من خلقه، فقد اصطفى من الملائكة رسلا ومن الناس رسلا واصطفى من الكلام ذكره، واصطفى من الأرض المساجد، واصطفى من الشهور رمضان والأشهر الحرم، واصطفى من الأيام يوم الجمعة، واصطفى من الليالي ليلة القدر، فعظموا ما عظم الله تعالى، فإنما تعظم الأمور بما عظمها الله عز وجل، به عند أهل الفهم وأهل العقل، فقد قال ابن كثير في تفسيره قول بعض الأئمة، عن المحال ثلاثة، التى بعث الله تعالى في كل واحد منها نبيا مرسلا من أولي العزم وأصحاب الشرائع الكبرى، حيث قال الله تعالى فى كتابه الكريم “والتين والزيتون، وطور سنين، وهذا البلد الأمين”

 

فالمحل الأول وكان محلة التين والزيتون، وهي بيت المقدس التي بعث الله تعالى، فيها نبيه عيسى بن مريم، والمحل الثاني، وهو طور سينين، وهو طور سيناء فى مصر الذي كلم الله تعالى عليه نبيه موسى، والمحل الثالث، وهو البلد الأمين، وهو مكة المكرمه، الذي من دخله كان آمنا، وهو الذي أرسل فيه نبيه محمد صلى الله عليه وسلم وعلى جميع الأنبياء والرسل الكرام، فالله جمع بين الأماكن الثلاث في قسم واحد، وإذا أقسم الله بشئ فلا يقسم إلا بعظيم، وهذا يدل على منزلة الثلاثة التي أقسم بها، ومنها جبل الطور بمصر، وقد قال الجاحظ، إن أهل مصر يستغنون بما فيها من خيرات عن كل بلد، حتى لو ضرب بينها وبين بلاد الدنيا بسور ما ضرها، وإن في مصر رباط الإسكندرية الذي رابط فيه العلماء.

 

والزهاد والعباد والمجاهدون والأبطال والشجعان، فقال أبو الزناد صاحب أبي هريرة رضي الله تعالى عنه “خير سواحلكم رباطا الإسكندرية” وعند المصريين هو جامع عمرو بن العاص صاحب رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، وهو أول جامع بني في قارة إفريقيا، وقد ضبط قبلته جماعة من الصحابة قدروا بثمانين صحابي اجتمعوا عنده وقت بنائه وقدروا القبلة فوجهوه إليها، وعند المصريين جامع الأزهر الذي له الفضل المشهور، والعلم المنثور، والتقدم الكاسر، والارتفاع القاهر، فالعلماء فيه متكاثرون، والعُباد فيه قائمون، والزوار إليه متوافدون، وإن مصر قادت الأمة الإسلامية أكثر من مائتين وخمس وستين سنة، وقد ظلت الخلافة في مصر منذ انقطاع الخلافة من إلى انتقال الخلافة إلى العثمانيين بتركيا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى