مقال

الرسول في غزوة ذى قرد “جزء 3”

الرسول في غزوة ذى قرد “جزء 3”

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الثالث مع الرسول في غزوة ذى قرد، وكانت غزوة ذي قرد بعد صلح الحديبية، وسُميت بهذا الاسم نسبة إلى لموضع ماء نزل عنده جيش المسلمين يقال له ذي قرد، وكما تعرف هذه الغزوة في كتب التاريخ باسم غزوة الغابة نسبة إلى المكان الذي اعتدى فيه عيينة بن حصن الفزاري ومن معه على إبل المسلمين وهو موضع كثيف الشجر كالغابة خارج المدينة المنورة بإتجاه بلاد الشام، ووقعت بعدة غزوة بني لحيان بليالى قليلة أي أنها وقعت في السنة السادسة للهجرة في شهر ربيع الأول أو جمادى الأولى على اختلاف بين المؤرخين، وكان الصحابى سلمة بن الأكوع رضي الله عنه عندما علم بالأمر اعتلى جبلا ونادى بأعلى صوته يا صباحاه مرات ثلاث.

 

ثم لحق بالمعتدين ركضا حاملا معه نبله وسيفه حتى أدركهم عند موضع ماء وكان من أسرع الناس عدوا، فأخذ يمطرهم بنباله وسهامه وحده حيث كان راميا ماهرا، فعجزوا عن مواجهته حتى استطاع أن يسترد منهم جزءا من الإبل وثلاثين رمحا وثلاثين كساء، وعندما وصل الخبر إلى النبي صلى الله عليه وسلم، جهز جيشا قوامه خمسمائة وقيل سبعمائة مقاتل ما بين راكب وراجل واستخلف على المدينة عبد الله بن أم مكتوم رضي الله عنه، وسارعوا في المسير حتى وصل الجيش إلى مكان سلمة بن الأكوع رضي الله عنه، وكان أول الواصلين الأخرم محرز بن نضلة ثم أبو قتادة ثم المقداد رضي الله عنهم، وقد حققت الغزوة أبرز نتائجها وهو اللحاق بالمعتدين من غطفان.

 

واستخلاص الإبل منهم كاملة والثأر لمقتل الصحابي ابن أبي ذر وسبي المرأة والتي استطاعت الفرار منهم قبل ذلك حيث التقى في أرض المعركة الأخرم وعيينة بن حصن الفزاري فطعن الأخرم فرس عيينة، فباغته عيينة بطعنة قاتلة ثم فر فلحقه أبو قتادة وطعنه، وبعد ذلك توالى وصول المسلمين حتى اجتمعوا عند موضع ماء يسمى ذي قرد في المساء، وكان العدو قد نزل عند هذا الماء ليشربوا بعد مطاردة سلمة بن الأكوع لهم لكنهم عندما رأوا جيش المسلمين تركوا الإبل وفروا هاربين، وفي هذه الغزوة أثنى الرسول صلى الله عليه وسلم، على اثنين من الصحابة لما قدماه من تضحية وأظهراه من شجاعة وبسالة نادرة وهما أبو قتادة وسلمة بن الأكوع رضي الله عنهما.

 

فقال صلى الله عليه وسلم”خير فرساننا اليوم أبو قتادة وخير رجالتنا اليوم سلمة بن الأكوع ” رواه مسلم، وأعطى صلى الله عليه وسلم، لسلمة بن الأكوع رضي الله عنه، من الغنائم سهمين سهم الفارس وسهم الراجل، إلى جانب ذلك تمكن المسلمون من بسط الأمن والاستقرار بعد هزيمتهم لفرسان غطفان في هذه الغزوة خاصة مع واحدة من أعتى القبائل العربية المعادية للإسلام في شبه الجزيرة العربية، وهكذا كانت من أكبر الغزوات التأديبية التي قادها رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه ضد أعراب نجد بعد غزوة الأحزاب وبني قريظة وقبل غزوة خيبر، ولم تكد تمضي ليال قلائل على عودة رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوته لبني لحيان.

 

حتى أغار عيينة بن حصن الفزاري في جماعة من قومه غطفان على لقاح وهى إبل ذوات لبن للنبي صلى الله عليه وسلم كانت ترعى، أما المرأة التي أسرها المغيرون من غطفان ، فقد عادت سالمة إلى المدينة بعد أن تمكنت من الإفلات من القوم على ظهر ناقة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد نذرت إن نجاها الله لتنحرن تلك الناقة، فلما أخبرت النبي صلى الله عليه وسلم، عن نذرها تبسم صلى الله عليه وسلم وقال “بئسما جزيتها، أن حملك الله عليها ونجاك ثم تنحرينها، إنه لا نذر في معصية الله، ولا فيما لا تملكين، إنما هي ناقة من إبلي، فارجعي إلى أهلك على بركة الله” رواه أحمد، وفي أثناء رجوع النبي صلى الله عليه وسلم، وأصحابه إلى المدينة حدثت مسابقة في العدو أى سباق بين سلمة رضي الله عنه، ورجل من الأنصار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى