مقال

الدكرورى يكتب عن فاطمة بنت عبد الملك بن مروان ” جزء 2″

الدكرورى يكتب عن فاطمة بنت عبد الملك بن مروان ” جزء 2″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الثاني مع فاطمة بنت عبد الملك بن مروان، فعلمت أن الله عز وجل سائلي عنهم يوم القيامة، في ذلك الوقت استوعبت ما به وما فرض عليه من متاعب الخلافة وعلمت أنه في هذا الأمر مكلف لا محب له، وأنها تقف أمام حفيد عمر بن الخطاب الذي فرق الحق عن الباطل، مقبلة على حياة لن تسعد كثيرا من النساء، وقتذاك بادرها زوجها عمر محدثها عن رد الضيع والهبات التي وصلته وهو امير الى بيت مال المسلمين فلم يبق معه الا ما كان له من حر ماله، وارتضى أن يكون بيته متواضعا بسيطا، ولكن آلمه أن تعيش ابنة عمه سليلة الأمجاد والقصور في هذا البيت وهذه العيشة من الزهد والمشقة، فأراد أن يخيرها في أمرها بين هذه الحياة أو أن تعود لبيت أبيها كما اعتادت العيش في نعيم، فتأبى فاطمة أن تفارق زوجها وتختار مقاسمته الدنيا بكل ما فيها من حلوها ومرها لتتوج حبها في الجنة.

 

وتصبح من اجمل الحوريات وأحبهن الى قلب زوجها، في ذلك الوقت رأى عمر بن عبد العزيز أن مصاغ زوجته ما هو الا جمار من نار فاستأذنها بأن يضعها في بيت المال وهي راضية النفس بكل ما يراه زوجها صالحا، وكما نرى عظمة سيدة القصور فاطمة حين تحولت حياتها من سيدة منعمة الى امرأة بسيطة تغسل ثوب زوجها الاوحد الذي لا يملك سواه وتعجن وتطهو الطعام، راضية النفس سليمة الضمير سعيدة باختيارها، وفى فترة وجيزة تغير نظام الحكم الأموي ايجابا، وخلال عامين عم الخير على أرجاء البلاد من أقاصي الشرق عند نهر سيحون الى أقاصي الغرب في المغرب والأندلس حتى ان هذا العهد كان العاملون على توزيع الصدقات يطوفون في البلاد فلا يجدوا من يقبلها.

 

وهذا العصر من أزهى عصور الخلافة فلم يكن هناك فقير أو محتاج، هذا هو حفيد عمر الفاروق، ويذكر انه جاءت اعرابية تريد لقاء الخليفة فدلها الناس على بيته فطرقت بابه فاذا بامرأة يدها به العجين، فسألتها الاعرابية عن الخليفة، فطلبت منها الانتظار للحظات حتى يأتي، واذا بجانب الحائط رجل يصلح الجدار وفى يديه وثوبه بقع الطين، فنظرت الأعرابية اليه متعجبة من جلوس هذه المرأة امامه وهى تعجن ولم تستتر منه، فبادرتها بالسؤال عن هذا الرجل وكيف لم تستر نفسها أمامه؟ فأجابتها ضاحكة انه أمير المؤمنين الخليفة عمر بن عبد العزيز وأنا زوجته فاطمة، ولقد عاشت فاطمة سعيدة هانئة بزوجها العادل البسيط الزاهد في متاع الدنيا، وحينما توفى عمر وآلت الخلافة الاموية الى اخيها يزيد بن عبد الملك.

 

والذى اعاد اليها جواهرها، وقال لها هذه جواهرك التي وهبها عمر لبيت المال قد ردت اليك ، فأجابته وقد تملكها الحزن على وفاة زوجها والله لا أطيعه حيا وأعصيه ميتا، وهذه سيدة بني أمية سليلة النسب العريق التي حفرت في أعماق التاريخ بصماتها الجميلة لحسن اختيارها لحياتها، فكانت قدوة يقتدى بها نساء المسلمين الى افضل مثال لنساء الأرض وعظمة التضحية وسمو الأخلاق، وهكذا كانت فاطمه فمن صفات المرأة المسلمة، هو طاعتها لزوجها وتأدية حقوقه كاملة فيما يرضي الله تعالى، فحق الزوج على زوجته عظيم، فالواجب عليها أن تطيعه إذا أمرها مالم يأمرها بإثم وأن تحفظه في نفسها وماله وولده، وأن تحترمه عند كلامها معه، ومن صفات المرأة المسلمة أيضا هو قرارها في بيتها.

 

وعدم خروجها منه إلا لحاجة، مثل صلة رحم وعيادة مريض، وفاطمه بنت عبد الملك فى زهدها وورعها وصبرها وعبادتها فهى تذكرنا بفاطمه أخرى ألا وهى فاطمة الزبيرية التي لم تتخلي عن صلاة الليل، وصلاة التطوع مع نزول البلاء عليها، وهذه الامرأة صار لها شهرة بالتقوى والصلاح والعلم ثم عميت سنتين ثم ذات ليلة أرادت أن تتوضأ لصلاة الليل ثم تزحلقت على درج فانكسر ضلعان من أضلاعها ومع ذلك تكلفت وصلت ثم نامت فرأت الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وابا بكر الصديق وعمر بن الخطاب، رضى الله عنهم أجمعين، مقبلين من جهة الكعبة، وباب بيتها كان مواجها للكعبة، فجاء الرسول صلى الله عليه وسلم، فبصق على طرف ردائه وقال لها امسحي به عينيك فأخذت الرداء فمسحت به عينيها فأبصرت في الحال، ثم وضعته على موضع الكسر فتعافى بإذن الله تعالى، وقد توفيت السيده فاطمه بنت عبد الملك أثناء خلافة أخيها هشام بن عبد الملك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى