مقال

السيدة مريم بنت عمران ” جزء 3″

السيدة مريم بنت عمران ” جزء 3″

بقلم / محمــــد الدكــــرورى

 

ونكمل الجزء الثالث مع السيدة مريم بنت عمران، فقال عيسى عليه السلام، يا أماه مضى الليل وجاء النهار وقد جاءت فريضة، رب العالمين التي لا بد منها، فبكت عند ذلك ملائكة السماوات رحمة لهما، وأوحى الله تعالى، الى الملائكة يا ملائكتي ما يبكيكم ؟ فقالت الملائكة إلهنا وسيدنا نبكي رحمة على عيسى وأمه عبديك وكلمتك وروحك، فإذا منادي ينادي في السماء يا عيسى إرفع فمك وخدك عن أمك الصائمة القائمة فإنها عرج بروحها الى ربها، فلما سمع ذلك الكلام خرّ مغشيا عليه، فلما أفاق من غشوته نادى بأعلى صوته واحسرتاه وانقطاع ظهراه، واغربتاه، واوحشتاه يا أماه من يؤنسني في وحشتي، ومن يعينني على عبادة ربي، فأوحى الله تعالى إلى الجبل أن يكلم عيسى فكلمه وقال يا روح الله ما هذا الجزع أتريد أحسن مني مؤنسا ؟ فقال أعوذ بعزة ربي ورأفته.

 

ثم أن عيسى عليه السلام صبر على قضاء الله وقدره وشكره على نعمته وحكمته، ولكن هناك سؤال واجهنى؟ وهو هل السيده العذراء مريم بنت عمران أخت موسى بن عمران ؟؟ حيث يقول الله عز وجل فى كتابه الكريم ” يا أخت هارون ما كان أبوك امرأ سوء وما كانت أمك بغيا” وقد ورد في تفسيرها أقوال كثيره وهى في قوله تعالى ” يا أخت هارون” وفي تفسيرها قيل أن هو نبي الله هارون أخو نبي الله موسى، والمراد يا من كنا نظنها مثل هارون في العبادة كيف تأتين بمثل هذا، وأن اليهود لم يقولوا لمريم، يا أخت موسى، او يا أخت هارون وموسى، وإنما قالوا لها يا أخت هارون، فهم لا يطلقوا عليها هذا الوصف إعطباطا، وإنما نسبوها إلى هارون وذلك بأنهم يعتقدون، أن هارون جلب العار لبنى إسرائيل، لأنه صنع لهم عجلا وعبدوه من دون الله.

 

فكان هذا عار يلاحقهم وبسببه حصل لهم التيه والمذمه والحرمان، ولأنهم يعتقدون أن مريم حملت سفاحا، فكذلك جلبت لبنى إسرائيل العار، لهذا وصفوها بهذا الوصف، وقيل أيضا كانت السيدة مريم من ولد هارون أخي موسى، فنسبت إليه بالأخوة لأنها من ولده، كما يقال للتميمي يا أخا تميم، وللعربي يا أخا العرب، وقيل أنه كان لها أخ من أبيها اسمه هارون، وكان أمثل رجل في بني إسرائيل، والأقوال الثلاثة اتفقت على أمر وهو أن هارون رجل صالح ونسبت مريم، إليه، لما بينهما من التماثل في العبادة والخلق الحسن، وثمة قول رابع وهو أن هارون رجل فاجر في ذلك الزمان فنسبوها إليه على جهة التعيير والتوبيخ، لما رأوها حاملا ، فالمذكورة في الآيات التي أشرت إليها هي مريم بنت عمران أم المسيح عيسى عليه السلام، وأمها هي حنة بنت فاقوذ، كما ذكر أهل التفسير.

 

وقيل أنه ولد موسى بن عمران في الوقت الذي فيه كان فرعون قد شدد بقتل صبيان العبرانيين، وكان اصغر أولاد أبيه وثالث ثلاثة، مريم البكر وهارون الثاني، اذا مريم اخت موسى اكبر منه، ونقول ان بين ظهور النبي موسى وبين ظهور النبي عيسى حوالى اكثر من ستمائة عام وهذا الفارق الزمني دليل على ان العذراء مريم ليس اخت النبي موسى اذا علمنا ان العذراء مريم ولدت النبي عيسى عليهم جميعا الصلاة والسلام وهي في عمر الثانيه عشر، وعليه يجب ان يكون ظهور النبي عيسى عليه السلام في ذات ظهور النبي موسى وليس بعده ولكنهم يقولون ان الانبياء كانوا يعيشون مئات السنين فما المانع ان تكون مريم اخت النبي موسى، وفي النهاية فإن مريم بنت عمران واخت هارون ليست اخت النبي موسى وأن التشابه بين اسماء الابوين والاخ بينهما.

 

ماهو الا تشابه اسماء لااكثر، وقيل أنه عندما صعد هارون الى جبل هور ومات هناك في السنة الاربعين لخروج بني اسرائيل من ارض مصر وكان هارون ابن مائة و ثلاث وعشرين سنة حين مات في جبل هور وكان نبي الله موسى ابن مائة وعشرين سنة حين مات، ولذلك نعود لمنطق العقل والنقل بعدما بينا ان النبي موسى عليه السلام توفى وعمره مائة وثلاث وعشرون سنه واخته مريم البنت البكر لأبويها فكم تكبر اخيها موسى لنقل بسنة واحده فيكون عمرها مائة واربع وعشرون سنه، وأيضا لنعود ونبحث عن تاريخ خروج بني اسرائيل بقيادة النبي موسى عليه السلام لنرى كم عاشت مريم اخت موسى والذي يعتقدها البعض انها ذاتها العذراء مريم ام نبي الله عيسى عليه وعليها السلام، فليس هناك تاريخ محدد لخروج بني اسرائيل من مصر بقيادة النبي موسى عليه السلام.

 

ولكن للمؤرخين ثلاثة تحديدات لزمن الخروج من مصر وهي على النحو التالى، وكان التحديد الاول لزمن خروج بني اسرائيل في القرن السادس قبل ميلاد السيد المسيح، وإن التحديد الثاني لزمن الخروج هو القرن الرابع عشر قبل الميلاد ومن بين ادق تلك التواريخ لخروج بني اسرائيل من مصر في اواخر القرن الثاني عشر قبل الميلاد، ولنأتي الى تاريخ ولادة السيد المسيح عليه السلام فعلى الارجح انه ولد في القرن الرابع قبل الميلاد فاذا كانت ام السيد المسيح اخت النبي موسى واخوه هارون فالمفروض انها عاشت كل تلك القرون بعد وفاة اخوها موسى وعمره مائة وثلاثة وعشرون سنه فتكون قد أنجبت نبي الله عيسى عليه السلام وهي أمرأة عجوز وهذا يتعارض ماوردنا من اخبار ان العذراء مريم ولدت عيسى عليه السلام وهي في عمر الثانيه عشر من عمرها.

 

وايضا انها ولدت في القرن الرابع قبل الميلاد، ولما ولد يسوع في بيت لحم اليهودية في ايام هيرودس الملك، فمع كل هذا الفارق الزمني الكبيربين وفاة النبي موسى عليه السلام وولادة النبي عيسى عليه السلام، ومع الفرق الزمني الكبير بين عمر مريم اخت موسى ومريم ام عيسى، لايعقل ان تكون مريم العذراء هي ذاتها والدة السيد المسيح، وفي ذات الوقت الاخت البكر لعمران والاخت الكبرى لهارون الذي مات بعد الخروج باربعين سنه والاخت الكبرى للنبي موسى الذي مات وعمره مائة وثلاثة وعشرون سنه وهي ذاتها التي بقيت على قيد الحياة من اوخر القرن الثاني عشر قبل الميلاد حتى القرن الرابع قبل الميلاد وعليه فماورد من ذكر ان مريم ابنت عمران واخت هارون ماهو الا تشابه اسماء كما يحدث في اسمائنا اليوم. والله أعلم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى