مقال

الهداية وصلة الأرحام ” جزء 3″

الهداية وصلة الأرحام ” جزء 3″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الثالث مع الهداية وصلة الأرحام، والناس بسيوفهم بين يديه وهو يوزع الغنائم بين العرب، فتستأذن، فيقول لها الصحابة من أنت؟ فتقول أنا أخت رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستغربوا، فتقول أنا الشيماء بنت الحارث أرضعتني أنا وإياه حليمة السعدية، فيخبرون الرسول عليه الصلاة والسلام يتذكر القربى وصلة الرحم، ويقوم لها، وترك أصحابه وقام ليستقبلها، ليلقاها في الطريق ويرحب بها ترحيب الأخ لأخته بعد طول غياب، وبعد الوحشة والغربة، ويأتي بها ويجلسها مكانه، ويظللها من الشمس، فلك أن تتخيل رسول البشرية ومعلم الإنسانية ، ومزعزع كيان الوثنية يظلل عجوزا هي أخته من الرضاع من الشمس، يترك الناس وشؤون الناس ويقبل عليها ويسألها.

 

ويقول لها يا أختاه كيف حالكم ؟ يا أختاه أتختارين الحياة عندي أو تريدين أهلك ؟ فتقول أريد أهلي فيمتعها بالمال ويعطيها مائة ناقة، ليعلمّ الناس معنى صلة الأرحام، وإن بعض الناس لا يصل أقاربه إلا إذا وصلوه، وهذا في الحقيقة ليس بصلة فإنه مكافأة إذ أن المروءة والفطرة السليمة تقتضي مكافأة من أحسن إليك قريبا كان أم بعيدا يقول النبي صلى الله عليه وسلم “ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل إذا قطعت رحمه وصلها” متفق عليه، فصلوا أرحامكم وإن قطعوكم، وستكون العاقبة لكم عليهم فقد جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيئون إليّ، وأحلم عليهم ويجهلون علي فقال إن كنت كما قلت فكأنما تسفهم الملّ أي الرماد الحار.

 

ولا يزال معك من الله ظهير عليهم أي معين عليهم ما دمت على ذلك” رواه مسلم، فمن حق أهلك وأرحامك أن تعود مريضهم وتواسي فقيرهم، وتتفقد محتاجهم، وترحم صغيرهم، وتكفل يتيمهم، تسر بهم عند اللقاء وتلين لهم في القول، وتحسن لهم في المعاملة، ما بين زيارة وصلة، وتفقد واستفسار، ومكالمة ومراسلة، تبذل المعروف، وتبادل الهدايا والزيارات، في حب وعدل وإحسان وفضل، وقد أخطأ من قال إن صلة الرحم لاتجوز لغير المسلم، بل هي مِن البر والقسط الذي شرعه الله كما دل عليه الحديث المتفق عليه الذي ذكرته، وكذا قوله تعالى فى سورة الممتحنة “لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم فى الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين، إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم فى الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم ان تولوهم ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون”

 

وقد ورد في سبب نزولها حديث أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت ” قدمت علي أمى وهي مشركة فى عهد قريش إذ عاهدهم، فاستفتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت يا رسول الله قدمت علي أمى وهى راغبة، أفاصل أمي؟ قال ” نعم صلى أمك” رواه البخارى ومسلم، فإن لصلة الرحم فوائد منها أن صلة الرحم سبب لصلة الله للواصل، فيقول النبي صلى الله عليه وسلم “إن الله خلق الخلق حتى إذا فرغ من خلقه قالت الرحم هذا مقام العائذ بك من القطيعة، قال نعم أما ترضين أن أصل من وصلك واقطع من قطعك؟ قالت بلى يا رب، قال فهو لك” رواه البخاري ومسلم، وكذلك فإن صلة الرحم سبب لدخول الجنة.

 

فقيل أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عمل يدخله الجنة ويباعده من النار؟ فقال صلى الله عليه وسلم ” تعبد الله لا تشرك به شيئا وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصل الرحم” رواه البخاري ومسلم، وكذلك فإن صلة الرحم سبب لزيادة العمر وبسط الرزق، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “من أحب أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أثره فليصل رحمه” رواه البخاري ومسلم، وأما عن عقوبة قاطع الرحم؟ فيكفي قاطع الرحم انها سبب في المنع من دخول الجنة، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “لا يدخل الجنة قاطع رحم” رواه الترمذي، فيا معاشر الأبناء، كونوا على ثقة أن هذه الحياة دار جزاء ومكافأة، فمن أحسن إلى والديه، وأسعدهما وبرّهما فسيجازيه الله سبحانه وتعالى أولادا يحسنون إليه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى