مقال

فضائل وبدع شهر رجب ” جزء 7″

فضائل وبدع شهر رجب ” جزء 7″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء السابع مع فضائل وبدع شهر رجب، فهذا هو كل ما ورد في شهر رجب مما يصلح للاحتجاج، أما تخصيصه بصيام يوم منه معين أو قيام بعض لياليه أو تخصيص ليلة السابع والعشرين منه باحتفال يسمى الاحتفال بمناسبة الإسراء والمعراج، فهذه كلها أمور محدثة، لم تثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من أصحابه رضي الله عنهم، فالحق أن شهر رجب ليست له خصوصية ولا فضيلة على غيره من الشهور إلا أنه من الأشهر الحرم كما تقدم، وكون آية الإسراء والمعراج حصلت فيه على افتراض صحة ذلك لا يسوغ لنا إحداث عبادة فيه لم تكن معهودة في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا في زمن خلفائه الراشدين ولا التابعين من بعدهم وهى القرون المشهود لهم بالخير، أما شهر شعبان فينبغي الإكثار فيه من الصيام.

 

اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم، حيث قالت السيدة عائشة رضي الله عنها “ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم استكمل صيام شهر قط إلا شهر رمضان وما رأيته في شهر أكثر منه صياما في شعبان” رواه البخاري ومسلم، وعن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال، قلت يا رسول الله لم أرك تصوم من شهر من الشهور ما تصوم من شعبان قال صلى الله عليه وسلم”ذلك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم” رواه أبو داود والنسائي وصححه ابن خزيمة أما تخصيص يوم النصف منه بالصوم ظنا أن له فضيلة على غيره فهو أمر لم يقم عليه دليل صحيح، والله تعالى أعلم، وقيل إن شهر رجب ذكر له ثمانية عشر اسما، من أشهرها هو الأصم، وذلك لعدم سماع قعقعة السلاح فيه.

 

لأنه من الأشهر الحرم التي حُرم فيها القتال، و أيضا إسم الأصب، وذلك لانصباب الرحمة فيه، وإن فضل رجب داخل في عموم فضل الأشهر الحرم التي قال الله فيها ” إن عدة الشهور” وعينها حديث الصحيحين في حجة الوداع بأنها ثلاثة سرد، أي بمعنى متتالية، وهم ذو القعدة وذو الحجة والمحرم، وواحد فرد وهو شهر رجب وقيل رجب مُضر، الذي بين جمادى الآخرة وشعبان، وليس رجب ربيعة وهو رمضان، ومن عدم الظلم فيه عدم القتال فيه، وذلك لتأمين الطريق لزائري المسجد الحرام، كما قال الله تعالى فى كتابه الكريم فى سورة التوبة ” فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجتموهم” ومن عدم الظلم أيضا عدم معصية الله تعالى فيه، وقد استنبط بعض العلماء من ذلك دون دليل مباشر من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفه.

 

نص عليه جواز تغليظ الدية على القَتل في الأشهر الحرم بزيادة الثلث، وإن من مظاهر تفضيل الأشهر الحرم بما فيها شهر رجب هو ندب الصيام فيها، كما جاء في حديث رواه أبو داود من مجيبة الباهلية عن أبيها أو عمها أن النبى صلى الله عليه وسلم، قال له بعد كلام طويل “صم من الحرم واترك، ثلاث مرات، وأشار بأصابعه الثلاثة، حيث ضمها وأرسلها والظاهر أن الإشارة كانت لعدد المرات لا لعدد الأيام” فالعمل الصالح في شهر رجب كالأشهر الحُرم له ثوابه العظيم، ومنه الصيام، ويستوي في ذلك أول يوم مع آخره، وقد قال ابن حجر، إن شهر رجب لم يرد حديث خاص بفضل الصيام فيه، لا صحيح ولا حسن، وقيل له رجب لأنه كان يرجب، أي بمعنى يعظم، وأضيف إلى مُضر، لأن قبيلة مُضـر كانت تزيد في تعظيمه واحترامه.

 

وله غير هذا من الأسماء التي تدل على شرفه، وإن الواجب على المسلم أن يعرف قدر هذا الشهر الحرام، ذلك لأن معرفته وتعظيمه “هو الدين القيم” أي المستقيم الذي لا اعوجاج فيه، ولا ضلال، ولا انحراف، وكما يجب عليه أن يحذر من المعصية فيه فإنها ليست كالمعصية في غيره، بل المعصية فيها أعظم، والعاصي فيه آثم، كما قال سبحانه وتعالى فى كتابه الكريم كما جاء فى سورة البقرة “يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير”أي ذنب عظيم، وجرم خطير فهو كالظلم والمعصية في البلد الحرام الذى قال الله عز وجل فيه كما جاء فى سورة الحج ” ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم ” ومن هنا قال حبر الأمة وترجمان القرآن عبد الله بن عباس رضى الله عنهما في تفسير قوله تعالى ” فلا تظلموا فيهن أنفسكم”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى