مقال

شهر رجب وذكري الإسراء والمعراج ” جزء 8″

شهر رجب وذكري الإسراء والمعراج ” جزء 8″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الثامن مع شهر رجب وذكري الإسراء والمعراج، فالتسمية قبل الأكل من السنن والآداب، التي علمها لنا النبي صلى الله عليه وسلم، فعن عمر بن أبي سلمة رضي الله عنه قال “كنت غلاما في حجر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت يدي تطيش في الصحفة أى الطبق، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم” يا غلام سم الله، وكل بيمينك، وكل مما يليك” فما زالت تلك طعمتي بعد” رواه البخاري، فالتمسك بآداب وسنن النبي صلى الله عليه وسلم الفعلية والقولية من أسباب تميز المسلمين على من حولهم من المشركين، وهذا التميز يلفت أنظار الكفار دائما، ويدفعهم إلى السؤال، ثم يقودهم ذلك إلى فهم الإسلام والانجذاب إليه والدخول فيه، كما حدث مع عداس ومع غيره إلى يومنا هذا فقال الله تعالى كما جاء فى سورة النور.

 

” وما على الرسول إلا البلاغ المبين” وإن واجب الداعية إلى الله هو الدعوة والبلاغ فحسب بغض النظر عن النتيجة والاستجابة، فالنتائج أى الهداية بيد الله وحده، ولو كان نجاح الدعوة يقاس بعدد الأتباع فحسب لظن البعض أن نبيّا عظيما مثل نبى الله نوح عليه السلام قد أخفق في دعوته ورسالته، لأنه عاش يدعو قومه إلى التوحيد ألف سنة إلا خمسين، ولم يؤمن معه إلا عدد قليل، وقد أخبرنا النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم أن من الأنبياء من يأتي يوم القيامة ومعه الرجل الواحد، ومنهم من يأتي ومعه الرجلان، ومنهم من يأتي وليس معه أحد، فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “يجيء النبي يوم القيامة ومعه الرجل، والنبي ومعه الرجلان، والنبي ومعه الثلاثة وأكثر من ذلك” رواه ابن ماجه.

 

وفي رواية أخرى يقول صلى الله عليه وسلم ” والنبي وليس معه أحد من أمته” وعن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال” وإن من الأنبياء نبيا ما يصدقه من أمته إلا رجل واحد” رواه مسلم، وإن الرسل عليهم السلام قد أدّوا الأمانة وبلغوا الرسالة على أتم وأكمل وجه، وليست الكثرة دليلا على الحق أو النجاح، ولن يستجيب أحد للحق الذي تدعوه إليه إلا إذا شاء الله، فقال الله تعالى كما جاء فى سورة المائدة “وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول واحذروا فإن توليتم فاعلموا أنما على رسولنا البلاغ المبين” وقال الله تعالى كما جاء فى سورة النحل ” فإن تولوا فإنما عليك البلاغ المبين” وقال الله تعالى كما جاء فى سورة البقرة ” ليس عليك هداهم ولكن الله يهدى من يشاء” وقال الله تعالى كما جاء فى سورة القصص.

 

” إنك لا تهدى من أحببت ولكن الله يهدى من يشاء” وإن رحلة الطائف رغم ما فيها من أحداث مؤلمة من إيذاء النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، فقد تركت لنا دروسا هامة، ينبغي على المسلم عامة، والمربي والداعية خاصة الوقوف معها والعمل بها، فرسول الله صلى الله عليه وسلم واصل دعوته إلى الله بصبر وثبات، وحكمة ورحمة، فكانت النتيجة النصر من الله، والفتح المبين الذي نعيش في ظلاله، وننعم بنوره إلى يومنا هذا، وإلى يوم الدين، والله لو كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ممن ينتقم لذاته، وممن ينتقم لقطرات دم نزفت منه، وممن ينتقم لمكانته، وممن ينتقم لشخصيته لأمر ملك الجبال أن يحطم تلك الرءوس، وأن يهدهد تلك الجماجم، لتسيل الدماء من الطائف فيراها أهل مكة بمكة.

 

 

 

وعندما قال ملك الجبال للنبى صلى الله عليه وسلم “إن شئت أطبقت عليهم الأخشبين” ولكنه صلى الله عليه وسلم نهر الرحمة، وينبوع الحنان، فإنه الرحمة المهداة، والنعمة المسداة، الذي ما خرج إليهم إلا وهو يعلم يقينا أن هذه الأصلاب تحمل ربيعا قادما، وتحمل أملا يشرق كالفجر، ويتحرك كالنسيم ولذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لملك الجبال “لا، إنما أرجو الله أن يخرج من أصلابهم من يوحد الله” وهكذا فإن رحلة الطائف، رغم ما فيها من أحداث مؤلمة، فقد تركت لنا دروسا مهمة، ينبغي للمسلم الوقوف معها والعمل بها ليسعد في الدنيا والآخرة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم يخاطبكم من خلال رحلة الطائف، ويقول لكم يا مسلمون، إن أردتم العون والنصر والفرج من الله، فسيروا على ما سرت عليه، اصبروا على البلاء والمصائب كما صبرت في رحلة الطائف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى