مقال

صدقة الفطر “جزء 4”

صدقة الفطر “جزء 4”

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الرابع من صدقة الفطر، وزكاة الفطر، صدقة واجبة معروفة المقدار، يقدمها المسلم لفطرة من رمضان. وأضيفت الزكاة إلى الفطر، من إضافة الشيء إلى سببه لأن الفطر من رمضان هو سبب وجوبها، فأضيفت إليه لوجوبها به، ويقال لها “زكاة الفطر”، ويقال لها كذلك “صدقة الفطر” والحكم الشرعى لزكاة الفطر، هو الوجوب، والدليل على ذلك حديث ابن عمر رضى الله عنهما، كما فى الصحيحين، فقال ” فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم ” زكاة الفطر من رمضان على كل نفس من المسلمين” وقال ابن المنذر “وأجمعوا على أن صدقة الفطر فرض” وأما عن لمن تصرف ؟ فقد اختلف العلماء فى مصرف زكاة الفطر علي قولين، الأول وهو أن مصرفها هو مصارف الزكاة الثمانية، وهو مذهب جمهور العلماء خلافا للمالكية.

 

وذلك لقوله تعالي فى سورة التوبة” إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم” فقالوا سماها النبي صلى الله عليه وسلم زكاة وهى فريضة واجبة فتصرف فى مصارف الفريضة فقال النووى في المجموع والمشهور في مذهبنا أنه يجب صرف الفطرة إلي الأصناف الذين يصرف إليهم زكاة المال، وجوزها مالك وأبو حنيفة وأحمد وابن المنذر إلى واحد فقط قالوا ويجوز صرف فطره جماعة إلي مسكين واحد، والقول الثانى أنها تصرف للمحتاجين وهم الفقراء والمساكين فقط، وذلك للحديث الذي أخرجه أبو داود وابن ماجه بسند حسن عن ابن عباس رضى الله عنهما قال” فرض رسول الله صلي الله عليه وسلم زكاة الفطر طهره للصائم عن اللغو والرفث وطعمه للمساكين”

 

وقد علق الشوكاني على حديث ابن عباس فقال وفيه دليل علي أن الفطرة تصرف في المساكين دون غيرهم من مصارف الزكاة، وهذا مذهب المالكية واختيار شيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم حيث قال في زاد المعاد “ردا على من قال بصرفها للأصناف الثمانية” وكان من هديه تخصيص المساكين بهذه الصدقة، ولم يكن يقسمها على الأصناف الثمانية قبضة قبضة، ولا أمر بذلك، ولا فعله أحد من أصحابه ولا من بعدهم، بل أحد القولين عندنا أنه لا يجوز إخراجها إلا على المساكين خاصة، وأما عن من لا تصرف له زكاة الفطر، فإن زكاة الفطر حكمها كزكاة المال فلا يجوز دفعها إلى كافر معاد للإسلام، ولا محارب ولا مرتد ولا فاسق ولا غنى بماله او كسبه ولا لقادر على العمل ولا لوالد او ولد او زوجة، فإن الله عز وجل شرع لعباده في ختام شهر رمضان عبادات جليلة.

 

ومنها زكاة الفطر، وقد شرعت لحكم بالغة ومنها أن تكون طهرة للصائم من اللغو والرفث الذى حصل منه فى هذا الشهر وهي كذلك شكر لله على نعمة إتمام صيام الشهر، ومن حكمها أنها مواساة للفقراء والمساكين في يوم العيد حتى لا ينشغلوا في يوم العبد عن العيد ومشاركة إخوانهم صلاتهم وفرحتهم بطلب القوت والبحث عنه، وصدقة الفطر واجبة على من ملك صاعا من طعام زائدا عن حاجته وحاجة من تلزمه نفقتهم يوم العيد وليلته، والدليل على وجوبها ما ثبت في الصحيحين من حديث ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال “فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر صاعا من تمر أو صاعا من شعير على الحر والعبد والذكر والأنثى والصغير والكبير من المسلمين وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة” فقوله فرض هو دليل على وجوبها.

 

لأن الفرض معناه الإيجاب والإلزام، وتخرج صدقة الفطر من قوت البلد سواء من الأصناف المذكورة في الحديث أو من غيرها إذا كان قوت أهل البلد من غير هذه الأصناف ومعنى القوت ما يقوم به البدن من الطعام، وقول جمهور أهل العلم أنه لا يجزئ إخراجها نقودا بل يجب أن تخرج طعاما لأن النبي صلى الله عليه وسلم فرضها من الطعام فلا تترك سنته لقول أحد، وقال الإمام أحمد لا يعطي القيمة، فقيل له، قوم يقولون إن عمر بن عبد العزيز كان يأخذ القيمة؟ قال يدعون قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقولون قال فلان، وقد قال ابن عمر رضى الله عنه فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر صاعا من طعام وذكر الحديث، وقيل إذا كان المسلم في بلد يجبر فيها على إخراج زكاة الفطر نقودا دفعها إليهم نقودا ثم يخرجها سرا من الطعام، ولا يجوز له أن يبارز ولاة الأمور بالمخالفة درءا للفتن، وهذا نص عليه الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى