مقال

مخاطر الطلاق والإنفصال ” جزء 6″

مخاطر الطلاق والإنفصال ” جزء 6″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء السادس مع مخاطر الطلاق والإنفصال، ورب قائل يقول إذا كان الحسب هو الدين فلماذا ذكره النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذكر الدين؟ قلت إن الحسب هو الفعال الظاهرة التي لا تخفى، فيُعرف بها الإنسان، وليس كل صاحب دين هكذا، فلربما كان صاحب الدين مكتفيا بنفسه لا صلة له بمجتمعه، فلا يبادر بكونه عنصرا فاعلا في مجتمعه، هذا من ناحية ، ومن ناحية أخرى فإن المقصود بالدين في حديث “تنكح المرأة لأربع” هو كون المرأة مسلمة غير كتابية، وإذا كان الحسب بمعنى الشرف الثابت في الآباء فهل يصح معيارا للإختيار ؟ نعم وبلا شك إذا لم يتعارض مع حسب الشخص نفسه فإن اجتمع حسبه وحسب آبائه فإن ذلك نور على نور، وروي عن بعض الصالحين أنه أراد طلاق امرأته فقيل له ما الذي يريبك فيها؟ فقال العاقل لا يهتك ستر امرأته.

 

فلما طلقها قيل لم طلقتها؟ فقال ما لي ولامرأة غيري، وروي أيضا أن رجلا طلق زوجته، فسأله أحد الناس عن السبب في طلاقها، فقال كنت أصون لساني عن ذكر عيوبها وهي زوجتي، فكيف أستبيح ذلك وقد صارت أجنبية عني؟ فيا أيها الزوج عليك أن تتريّث فيما أنت قادم عليه، فإذا أردت الطلاق، فاستشر العلماء، وراجع الحكماء، والتمس أهل الفضل والصلحاء، واسألهم عمّا أنت فيه، وخذ كلمة منهم تثبتك، ونصيحة تقويك، فإذا أردت الطلاق، فاستخر الله، وأنزل حوائجك بالله، فإن كنت مريدا للطلاق، فخذ بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم طلقها طلقة واحدة في طهر لم تجامعها فيه، لا تطلقها وهي حائض، فتلك حدود الله، فيقول تعالي في سورة الطلاق ” ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه” وإذا طلقتها، فطلقها طلقة واحدة لا تزيد.

 

وليس من مسالك البناء والعناية والصيانة لمكانة الأسرة أن يتذاكَر الناس دورها وأثرها دون تعزيز قيم الأسرة المسلمة، وممارسة بنائها من خلال بيئة أسرية صالحة تطبق ما تعلق بالأسرة من تشريعات وأحكام مرتبطة بأطوار تكون الأسرة، والارتقاء بعلاقة أطرافها، فيجب أن يتصاحب التنظير مع التطبيق في التربية الأسرية، ومن الأسس الداعمة لبناء متكامل لمفهوم الأسرة في الإسلام نشر الوعي من خلال المنابر العلمية ومراكز التواصل الاجتماعي، ومن تفكر المؤمن في مشروع الزواج ما جعل الله فيه من المودة والرحمة وما يتبع ذلك من الاطمئنان الروحي والاستقرار النفسي والتناغم الأسري بين أفراد الأسرة الواحدة وتربية النشء التربية الإسلامية الصحيحة, بل سمّاه الله تعالى في كتابه الكريم بالميثاق الغليظ لعظم شأنه وعلو منزلته في الإسلام.

 

فقال تعالى ” وكيف تأخذونه وقد أفضي بعضكم إلي بعض وأخذن منكم ميثاقا عليظا” وتلكم نعم جليلة من مسدي النعم جل وعلا يجب على المؤمن أن يشكره عليها, وأن يسعى جاهدا على أن يقف موقفا حازما ضد كل من يعبث باستقرار أسرته أو يخطط لهدم بيته بأي وسيلة كانت, وهذا واجب شرعي أمر به الله جل وعز فقال تعالي ” يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون” وإن من الأخطار التي تهدد الأسر المسلمة هو الطلاق فهو مشكلة أسرية عظيمة, بسببها تفرقت الأسر, وتهدّمت البيوت, وضاعت الذرية, وقطعت الأرحام, وكثرت الآثام, وانعدمت الرحمة والشفقة عند كثير من الآباء والأمهات, وبدلا من أن يكون الطلاق حلا للمشكلات الكبيرة.

 

والتي استعصت على الأزواج والزوجات أن يجدوا لها حلا إلا الطلاق أصبح هو الطريقة التي يستخدمها أصحاب الأيدي العابثة والأفكار المنحرفة والأساليب المتهورة, أولئك الذين لا يدركون القيم والمبادئ التي شرع من أجلها الزواج, ولا يضبطون تصرفاتهم ولا أخلاقهم عند حصول الاختلافات والإشكالات بينهم وبين زوجاتهم, فتراهم لا يحلفون إلا بالطلاق, ويهددون بالطلاق, حتى تفشى هذا الخطر في مجتمعنا المسلم وانتشر، وإن الإنسان بطبيعته يعشق الجمال ويهواه، ويشعر دائما في قراره نفسه بأنه فاقد لشئ من ذاته إذا كان الشئ الجميل بعيدا عنه، فإذا أحرزه واستولى عليه شعر بسكن نفسي، وارتواء عاطفي وسعادة، ولهذا لم يسقط الإسلام الجمال من حسابه عند اختيار الزوجة، فيقول النبي صلي الله عليه وسلم “إن الله جميل يحب الجمال”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى