مقال

منزلة الصدق من الدين ” جزء 3″

منزلة الصدق من الدين ” جزء 3″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الثالث مع منزلة الصدق من الدين، كلنا الآن نغدو ونذهب، ندخل في أمر ونخرج من آخر، ندخل في مكان ونخرج من آخر، ولذلك الدعاء بأن يدخلنا الله مُدخل صدق ويخرجنا مخرج صدق هو في الحقيقة دعاء لله أن يسددنا في جميع أقوالنا وأعمالنا، وأن يكون إقدامنا على الأمور وخروجنا من الأمور موافقا للكتاب والسنة، أما لسان الصدق الذي جاء في دعاء الخليل إبراهيم عليه السلام فهو الثناء الحسن عليه من سائر الأمم صدقا لا كذبا، وقد استجاب الله تعالى له فيه، فصار الناس يثنون على إبراهيم بعد موت إبراهيم بآلاف السنين، يثنون عليه ويذكرون سيرته ويتأسّون به، أما قدم الصدق الذي وعد الله به المؤمنين فقد فُسّر بالجنة، وحقيقة القدم ما قدموه في الدنيا من الأعمال والإيمان.

 

وما يقدمون عليه في الآخرة وهي الجنة التي هي جزاؤهم، وهو مقعد الصدق، وهي الجنة عند الله عز وجل، وإن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، كان من صفاته الصادق الأمين وساعده ذلك في دعوته لما قام يدعو الكفار، كما جاء في صحيح البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما قال “لما نزلت آية ” وانذر عشيرك الأقربين ” من سورة الشعراء، صعد النبي صلى الله عليه وسلم، على الصفا فجعل ينادي، يا بني فلان، يا بني عدي، ينادي لبطون قريش حتى اجتمعوا، فجعل الرجل إذا لم يستطع أن يخرج أرسل رسولا لينظر ما الأمر؟ فجاء أبو لهب وقريش، فقال النبي صلى الله عليه وسلم “أرأيتم لو أخبرتكم أن خيلا في الوادي تريد أن تغير عليكم أكنتم مصدقي؟ قالوا نعم ما جربنا عليك إلا صدقا، ما جربنا عليك كذبا أبدا”

 

فقال صلى الله عليه وسلم ” فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد فقال أبو لهب تبا لك سائر اليوم ألهذا جمعتنا؟ فنزلت الآية الكريمة ” تبت يدا أبى لهب وتب، ما أغنى عنه ماله ما كسب، سيصلى نارا ذات لهب، وامرأته حمالة الحطب، فى جيدها حبل من مسد ” رواه احمد، وكان من الأشياء التي استدلت بها السيدة خديجة بنت خويلد رضى الله عنها، على صدق النبي صلى الله عليه وسلم، في بعثته، وأن الله لم يتخلّ عنه أنه بعدما جاءه الملك في غار حراء وقال له اقرأ فرجع خائفا مضطربا، فقالت له السيدة خديجة رضى الله عنه لما قال لها لقد خشيت على نفسي قالت “كلا، فو الله لا يخزيك الله أبدا، والله إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتَقري الضيف، وتعين على نوائب الحق” رواه البخاري ومسلم.

 

فكان هذا الصدق منه صلى الله عليه وسلم، معينا له في دعوته، وكان من أدلة صدقه في بعثته وفيما أخبر به عن نبوته، ولقد كان نبى الله يوسف عليه السلام صادقا، لذلك اعترف له الرجل الذي جاء يستفتيه فقال كما جاء فى سورة يوسف ” يوسف أيها الصديق أفتنا فى سبع بقرات سمان ” فأرسلوا أحد السجينين اللذين كانا مع نبى الله يوسف عليه السلام إلى يوسف في السجن ليسأله لأنه قال لهم، أنا آتيكم بالجواب، ذهب إليه فقال ” يوسف أيها الصديق ” وصفه بالمبالغة في الصدق حسبما علمه وجربه من أحواله في مدة إقامته في السجن، وفي هذا إشارة إلى أنه ينبغي للمستفتي أن يعظم المفتي، وهذا هو أبو بكر الصديق رضى الله عنه مع الصدق، فهو صاحب النبي صلى الله عليه وسلم، الأول ورفيقه في الغار.

 

وأبو بكر الصديق، سُمي صديقا لكثرة تصديقه للنبي صلى الله عليه وسلم، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم ” إن الله بعثني إليكم فقلتم كذبت في أول الأمر، وقال أبو بكر صدقت، وواساني بنفسه وماله، فهل أنتم تاركو لي صاحبي؟ فهل أنتم تاركو لي صاحبي؟ فما أوذي بعدها “رواه البخاري، وإن من الصحابة المشهورين بالصدق أيضا هو الصحابى الجليل أبو ذر الغفارى رضى الله عنه، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم، فيه ” ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء ويقصد لا الأرض ولا السماء، من ذي لهجة أصدق من أبي ذر وهو شبيه عيسى بن مريم” رواه أحمد، وكذلك فإن من الصحابة المشهورين بالصدق هو الصحابى الجليل كعب بن مالك رضى الله عنه فقد قال حين تخلف عن تبوك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى