مقال

منزلة الصدق من الدين ” جزء 6″

منزلة الصدق من الدين ” جزء 6″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء السادس مع منزلة الصدق من الدين، أما نفس الإنسان العاصي قد تطمئن للكذب وتشك في الصدق، ومنها كتمان المصائب والطاعات، وكراهة اطلاع الخلق على ذلك، فهو يصبر لله على الطاعة وعلى المكروه، ونحن في موضوع الصدق لنا الظاهر، قد يخبرك أشخاص بأشياء وأنت لا تدري عن حقيقتها فلك ظاهر حالهم، فإن كان الذي يظهر لك من حاله الصدق فاقبل كلامه، وإن كان الذي يظهر لك منه الكذب والفسق والفجور فاتهمه، وقد روى الإمام البخاري رحمه الله، عن عمر بن الخطاب أنه قال “إن أناسا كانوا يؤخذون بالوحي في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان الوحي يفضح الكذابين، وإن الوحي قد انقطع، وإنما نأخذكم الآن بما ظهر لنا من أعمالكم، فمن أظهر لنا خيرا أمناه وقربناه.

 

وليس إلينا من سريرته شيء، ومن أظهر لنا سوءا من كان حاله السوء والفحش والفجور، لم نؤمنه ولم نصدقه، ولذلك من عرف بالكذب لا يُقبل شاهد في المحكمة ” وإن قال إن سريرته حسنه” وهذه مقولة عظيمة من أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضى الله عنه، فانظر إلى حال الرجل من بني إسرائيل لما جاءه صديق له يستسلفه ألف دينار، قال صاحب المال “ائتني بالشهداء أشهدهم، قال كفى بالله شهيدا، قال فائتني بالكفيل لو هربت يكون بدلا منك، ولو عجزت يسدد عنك، قال كفى بالله كفيلا، قال صدقت ظهر له من حال صاحبه الصدق، فدفعها إليه وحصلت القصة بعد ذلك، حيث ذهب الرجل وتاجر وعبر البحر وجاء الموعد المحدد ولم يجد سفينة ليرجع بها ليعطي المال لصاحبه فما عنده حيلة.

 

فأخذ خشبة ونقرها ووضع فيها الألف دينار، ودعا الله عز وجل، فقال هذه حيلتي فأوصل هذه الأمانة ورمى الخشبة في البحر، وخرج صاحبه في الشاطئ الآخر على الموعد يتلمس هذا الرجل على الموضع المضروب بينهما ليأتي، لكنه لم يجد سفينة ولم يأت أحد ووجد خشبة تتهادى على الماء فقال آخذها حطبا لأهلي، فأخذها فنشرها فإذا فيها الألف دينار والرسالة من صاحبه، فأدى الله الأمانة عن ذلك الرجل “رواه البخاري، وإنه يستدل على الصدق من أهله ومظانه، كما حصل في قصة الإفك التي اتهمت فيها السيدة عائشة رضى الله عنها، فالنبي صلى الله عليه وسلم، كان يبحث عن الحقيقة ويسأل ويتحرى، ويسأل من؟ أشار علي بن أبي طالب رضى الله عنه، قال له وسل الجارية تصدقك، وهى بريرة جارية.

 

كانت عند السيدة عائشة رضى الله عنها، معروفة بالصدق والأمانة، وتاريخها صدق وأمانة وهي ملازمة للسيدة عائشة رضى الله، وتعرف سرّها وتطلع في بيتها على الأمور الكثيرة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم، لبريرة، ولم يسأل الناس الآخرين البعيدين، الإنسان عندما يريد الصدق يتحرّى الصدق من مظانه، هل رأيت من شيء يريبك؟ قالت “ما رأيت أمرا أكثر من أنها جارية حديثة السن تنام عن عجين أهلها فتأتي الداجن يعني الشاة، فتأكله” رواه البخاري ومسلم، ومن الأمور المهمة أن نصدق الحق، لذلك تجد كثيرا من الأحاديث فيها صدقت، صدقت، صدقت، صدق فلان، صدق فلان، وإن أعلى أنواع التصديق ما يصدق الله به عبده ونبيه محمد صلى الله عليه وسلم، فيخبر النبي صلى الله عليه وسلم.

 

بشيء فيأتي الوحي تصديقا لكلام نبيه صلى الله عليه وسلم، كما حصل في خيبر، فقال أبو هريرة والحديث في البخاري “شهدنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، خيبر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجل ممن معه يدعي الإسلام ” هذا من أهل النار، فلما حضر القتال قاتل الرجل من أشد القتال، وكثرت به الجراح فأثبتته وعجز عن الحركة، فجاء رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فقال يا رسول الله، أرأيت الرجل الذي تحدثت أنه من أهل النار قد قاتل في سبيل الله من أشد القتال فكثرت به الجراح، فقال النبي صلى الله عليه وسلم “أما إنه من أهل النار فكاد بعض المسلمين أن يرتاب، فبينما هو على ذلك إذ وجد الرجل ألم الجراح فأهوى بيده إلى كنانته فانتزع منها سهما فانتحر به.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى