مقال

موقعة صفين “جزء 2”

موقعة صفين “جزء 2”

بقلم / محمــــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الثاني مع موقعة صفين، وتعاون مع عبد الله بن سبأ في الفتنة، وتقلد الأمور بعد ذلك في مصر، وكان معاوية رضى الله عنه في الشام على مقربة من مصر، وهي أقرب إليه من المدينة، ومن العراق، فلما حدثت الفتنة، وحدثت معارك البصرة أرسل معاوية بن أبي سفيان رضى الله عنه جيشا صغيرا لمحاربة أهل الفتنة في مصر، فخرج له محمد بن أبي حذيفة في العريش بسيناء، وتقاتلا، وتم قتل محمد بن أبي حذيفة، ومعه ثلاثون آخرون من أهل الفتنة، وقبل أن يتمكن جيش معاوية رضى الله عنه من مصر أرسل الإمام علي بن أبي طالب رضى الله عنه قيس بن سعد أحد رجالاته إلى مصر للسيطرة على الأمور، فذهب ومعه سبعة من الرجال، فأسرع إليها قبل جيش معاوية، وسيطر عليها، وصعد المنبر، وأعلن أنه يبايع الإمام علي بن أبي طالب رضى الله عنه.

 

فبايعه أهل مصر جميعا إلا فئة قليلة جدا انحازوا إلى قرية تسمى خربته، بمنطقة البحيره بمصر، وتركهم قيس بن سعد درءا للحرب في ذلك الوقت، وتمكن للإمام علي رضى الله عنه الأمر في مصر في ذلك الوقت، ولم يعجب هذا الأمر معاوية رضى الله عنه، فأرسل رسالة إلى قيس بن سعد والي مصر من خلال الإمام علي بن أبي طالب رضى الله عنه، وأقام معاوية رضى الله عنه الحجة على قيس بن سعد، وأن معاوية رضى الله عنه يتتبع قتلة عثمان، ويأخذ بثأره ممن قتلوه، وكان قيس بن سعد بعيدا عن علي بن أبي طالب رضى الله عنه فهو في مصر بينما علي رضى الله عنه في العراق، وبينهما معاوية رضى الله عنه في الشام، ولم يرد قيس بن سعد على رسالة معاوية بن أبي سفيان رضى الله عنه ردا حازما صريحا، بل كان في رسالته تردد في الأمر.

 

وقد أشيع في الشام أن لقيس بن سعد علاقة في السر مع معاوية، وخشي الإمام علي بن أبي طالب رضى الله عنه أن تنقلب الأمور في مصر، ويتكرر ما حدث في البصرة، فعالج الأمر بأن عزل قيس، وولى مكانه محمد بن أبي بكر الصديق رضي الله عنهما، وكان محمد بن أبي بكر كان الصحابي الوحيد الذي شارك إبتداء في أمر الفتنة، ولكنه رضى الله عنه تاب على يد عثمان رضى الله عنه، ورجع عن ما كان عليه، بل ودافع بسيفه عن عثمان رضى الله عنه، ولكنه لم يستطع أن يثنيهم عن قتل عثمان رضى الله عنه، وشهدت له بذلك السيدة نائلة بنت الفرافصة وهي زوجة عثمان رضي الله عنهما، وبعد ذلك بايع الإمام علي رضى الله عنه، وحسن عمله، ودانت السيطرة لعلي بن أبي طالب تماما على مصر، وبعدما عُزل قيس بن سعد رضى الله عنه رجع إلى علي بن أبي طالب.

 

واعتذر له عن كون ردّه على معاوية رضى الله عنه كان فيه شيء من التردد مما أثار الشكوك حوله، فقبل منه الإمام علي بن أبي طالب رضى الله عنه، واشترك قيس بن سعد في جيش علي رضى الله عنه، وقد أرسل علي بن أبي طالب رضى الله عنه، وهو في الكوفة رسالتين إحداهما إلى جرير بن عبد الله أمير من خلال عثمان بن عفان رضى الله عنه على همذان، في أرض فارس، وطلب منه المبايعة، فبايع جرير رضى الله عنه كل أهل همذان، وأتى بالمبايعة إلى علي بن أبي طالب رضى الله عنه، والرسالة الأخرى إلى الأشعث بن قيس في أذربيجان، فأخذ له البيعة من أهلها، فتمت لعلي بن أبي طالب رضى الله عنه البيعة في كل منطقة شرق العراق، وأصبحت كل مناطق الكوفة، والبصرة، وما يليها من البلاد تحت إمرة علي بن أبي طالب رضى الله عنه.

 

وكذلك المدينة المنورة، ومكة، واليمن، ومصر، ولم يتبقي إلا منطقة الشام فقط لم تبايع الإمام علي رضى الله عنه، وإن نهاية معركة صفين كانت بإتفاق الطرفين على الرضوخ لحكم شرع الله تعالى وما جاء في القرآن الكريم، فدخل طرف ثالث من المحكمين بين الطرفين وذهبوا إلى كلِ طرف على حدة، فأخذوا من الطرفين العهود والمواثيق، ثم جلست الأطراف المتنازعة معا في شهر رمضان من عام سبعة وثلاثين للهجرة، ووافقوا على متن صحيفة التحكيم التي قضت أن يقبل الإمام علي بن أبي طالب ومن معه من أهل الكوفة، ويقبل معاوية بن أبي سفيان ومن معه من أهل الشام بحكم شرع الله تعالى في كتابه الحكيم، وأن يتساعد الطرفان في إحياء ما أحيا كتاب الله تعالى، وقد ناب عن فريق معاوية عمرو بن العاص وناب عن فريق علي بن أبي طالب أبو موسى الأشعري.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى