مقال

الدكروري يكتب عن أبي بكر عبد الله بن الزبير “جزء 2”

الدكروري يكتب عن أبي بكر عبد الله بن الزبير “جزء 2”

بقلم / محمـــد الدكــرورى

 

ونكمل الجزء الثاني مع أبي بكر عبد الله بن الزبير، وعبد الله بن الزبير هو خليفة من خلفاء المسلمين وقد تولي الخلافة بعد يزيد بن معاوية بن أبي سفيان تسع سنين حتى تم قتلة في الحرم المكي، وآلت إلى ذريته بعد ذلك سقاية زمزم نيابة عن خلفاء بني العباس واستمرت فيهم إلى اليوم ولم تقم لهم بعد ذلك دولة كغيرهم من البيوت القرشية مثل الأمويين والعباسيين والعلويين، وعن هشام بن عروة، عن أبيه وزوجته فاطمة، قال خرجت أسماء حين هاجرت حبلى، فنفست بعبد الله بقباء، فقالت أسماء رضي الله عنها، فجاء عبد الله رضي الله عنه بعد سبع سنين ليبايع النبي صلى الله عليه وسلم، وأمره بذلك أبوه الزبير رضي الله عنه، فتبسم النبي صلى الله عليه وسلم حين رآه مقبلا، ثم بايعه، وكانت أهم ملامح شخصية عبد الله بن الزبير، هى كثرة حبه للعبادة بجميع أنواعها.

 

فقيل أن عبد الله بن الزبير رضى الله عنه قد قسم الدهر على ثلاث ليال، فليلة هو قائم حتى الصباح، وليلة هو راكع حتى الصباح، وليلة هو ساجد حتى الصباح، وحبه الشديد للجهاد، فلم يكن غريبا على من نشأ هذه النشأة الصالحة أن يشب محبا للجهاد، فقد شهد وهو في الرابعة عشرة من عمره معركة اليرموك الشهيرة سنة خمس عشر من الهجره واشترك مع أبيه في فتح مصر، وأبلى بلاء حسنا، وخاض عمليات فتح شمال إفريقيا تحت قيادة عبد الله بن سعد في عهد عثمان بن عفان رضي الله عنه، وأبدى من المهارة والقدرة العسكرية ما كفل للجيش النصر، كما اشترك في الجيوش الإسلامية التي فتحت إصطخر، وقد تقدم ابن الزبير إلى قفصة في تونس، وكانت الامبراطورية البيزنطية قد مدت نفوذها من طرابلس إلى طنجة، ويحكمها الملك جُرجير نائبا عن الامبراطور.

 

وتمكن ابن الزبير من حسم المعركة لصالح المسلمين بعد أن قتل ملكهم جُرجير، وحمل البشرى بالفتح إلى الخليفة عثمان في المدينة، وهو لم يتجاوز السابعة والعشرين من عمره، وكان هناك بعض المواقف لعبد الله بن الزبير مع الرسول صلى الله عليه وسلم، فقيل أن عبد الله بن الزبير رضي الله عنه شرب من دم النبي صلى الله عليه وسلم، وكان النبي الكريم صلى الله عليه وسلم قد احتجم في طست، فأعطاه عبد الله بن الزبير رضي الله عنه قائلا “يا عبد الله، اذهب بهذا الدم فأهريقه حيث لا يراك أحد” فلما بعُد، عمد إلى ذلك الدم فشربه، فلما رجع قال “ما صنعت بالدم؟” قال إني شربته، لأزداد به علما وإيمانا، وليكون شيء من جسد رسول الله في جسدي، وجسدي أولى به من الأرض، فقال له صلي الله عليه وسلم “أبشر، لا تمسك النار أبدا، وويل لك من الناس، وويل للناس منك”

 

وهكذا كان عبد الله بن الزبير هو أول مولود ولد في الإسلام بعد الهجرة للمهاجرين، فحنَكه رسول الله صلي الله عليه وسلم بتمرة لاكها في فيه، ثم حنكه بها، فكان ريق رسول الله صلي الله عليه وسلم أول شيء دخل جوفه، وسمّاه عبد الله، وكناه أبا بكر بجده أبي بكر الصديق، وكان لعبد الله بن الزبير موقف مع عمر بن الخطاب رضى الله عنه، حيث تنبأ له عمر بن الخطاب رضي الله عنه بمستقبل باهر، لما رأى من رباطة جأشه وثبات قلبه واعتداده بنفسه، فقد مر عمر بعبد الله وهو يلعب مع رفاقه من الصبيان، فأسرعوا يلوذون بالفرار هيبة لعمر وإجلالا له، في حين ثبت عبد الله بن الزبير، ولزم مكانه، فقال له عمر رضي الله عنه ما لك لم تفر معهم؟ فقال عبد الله رضي الله عنه “لم أجرم فأخافك، ولم يكن الطريق ضيقا فأوسع لك”

 

وكان هناك موقف لعبد الله بن الزبير مع معاوية بن أبي سفيان، فكان لعبد الله بن الزبير رضي الله عنه مزرعة بمكة بجوار مزرعة معاوية رضي الله عنه، وكان عمال معاوية رضي الله عنه يدخلونها، فكتب ابن الزبير رضي الله عنه لمعاوية رضي الله عنه خطابا كتب فيه “من عبد الله بن الزبير ابن ذات النطاقين وابن حواري الرسول إلى معاوية ابن هند بنت آكلة الأكباد، إن عمالك يدخلون مزرعتي، فإن لم تنههم ليكونن بيني وبينك شأن، والسلام” فلما وصل الخطاب لمعاوية رضي الله عنه كتب له خطابا ذكر فيه “من معاوية ابن هند آكلة الأكباد إلى ابن الزبير ابن ذات النطاقين وابن حواري الرسول، لو كانت الدنيا لي فسألتها لأعطيتكها، ولكن إذا وصلك خطابي هذا فضم مزرعتي إلى مزرعتك، وعمالي إلى عمالك، فهي لك، والسلام”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى