مقال

الدكروري يكتب عن غزوة ذات الرقاع “جزء 2”

الدكروري يكتب عن غزوة ذات الرقاع “جزء 2”

بقلم / محمــــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الثاني مع غزوة ذات الرقاع، وكان الهدف الرئيس من خروج النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، بجيشه بعد الانتهاء من يهود خيبر وطردهم من ديارهم، هو تأديب قبيلة غطفان المتمادية في عداء الإسلام والمسلمين، وأيضا حتى لا تأخذ غطفان وغيرها من القبائل العربية أن المسلمين يهابونهم خاصة بعد تحالفهم مع بني سُليم في غزوة بني سُليم، وأيضا لنشر الأمن والأمان وإيقاف أعمال النهب والسلب التي كانت تقوم بها تلك القبيلة من جهة أخرى ولهذه الأسباب مجتمعة قرر الرسول الكريم صلى الله عليه السلام، غزو ديار غطفان ومبادرتهم بالقتال خاصة بعد أن علم بنيتهم المُبيتة لغزو المدينة المنورة، وسار النبي صلى الله عليه وسلم متوغلا في بلادهم حتى وصل إلى موضع يقال له نخل، ولقي جمعا من غطفان، إلا أنه صلى بالصحابة.

 

صلاة الخوف لاول مرة في الأسلام، فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال خرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى ذات الرقاع من نَخل، فلقي جمعا من غطفان، فلم يكن قتال، وأخاف الناس بعضهم بعضا، فصلى النبي صلى الله عليه وسلم ركعتي الخوف” رواه البخاري، وقد إلتفت الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، إلى القبائل العربية الموجودة في صحراء نجد بعد القضاء على اليهود وأعوانهم، فكانت هذه القبائل العربية تعتمد على السلب والنهب وترويع الآمنين فكان لا بد من تأديبهم، وهم قبائل بنو أنمار وثعلبة ومحارب من غطفان، فعقد رسول الله صلى الله عليه وسلم العزم على الخروج للقائهم بعد أن علم بخروجهم، واستعمل النبي صلى الله عليه وسلم على المدينة عثمان بن عفان، وقيل أيضا أبو ذر الغفاري رضي الله عنهما.

 

وكانت غزوة ذات الرقاع بنخلا، وهو موضع بنجد من أرض غطفان من منازل بني ثعلبة بين وادي نخل، وهو يسمى الحناكية، والشقرة، ويبعد عن المدينة بتسعين كلم تقريبا، وقيل أن ذات الرقاع، هى شجرة أو جبل والاصح انها سميت بذلك لأن الصحابة لفوا رقاع الأقمشة على أرجلهم، وكانت قوات المسلمين أربعمائة راكب وراجل، وكانت قوات العدو، هم بنو ثعلبة وبنو محارب من غطفان، وكان هدف الغزوة، هو القضاء على تجمع بني ثعلبة وبني محارب المجتمعين للإغارة على المدينة، وقد تضاربت الأنباء حول عدد جيش المسلمين فقيل أربعمائة من الصحابة، وقيل أيضا سبعمائة من الصحابة رضوان الله عليهم، وقد خرج النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، بجيشه من المدينة المنورة منطلقا إلى موضع يقال له نخل على مسافة يومين من المدينة.

 

حيث لاقى المسلمون في سيرهم نحو عدوهم المشاق والصعاب المتمثلة في وعورة الطريق نتيجة النقص في عدد الخيل والإبل التي تحمل المجاهدين حتى تمزقت نعالهم من قسوة الحجارة وحدتها، وبعضهم تمزق منه الجلد والأظافر مما اضطرهم للفّ الخِرق والرقاع على أقدامهم، على الرغم من ذلك استمر الجيش في المسير حتى وصولوا إلى بطن نخل وهناك التقى بجمع من قبيلة غطفان، وتراءى الفريقان إلى بعضهما البعض دون وقوع قتال، وعندما انتشر خبر جيش الرسول صلى الله عليه وسلم، ومن معه بين الأعراب الساعين إلى قتال المسلمين دب في قلوبهم الخوف والرعب من المسلمين فما كان منهم إلا الفرار إلى رؤوس الجبال مخلفين النساء والمتاع والذرية خلفهم، جراء فرار المقاتلين، وعندما فر الأعراب إلى رؤوس الجبال.

 

وقد حان وقت الصلاة خاف الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، من انقضاض المشركين على المسلمين أثناء تأدية الصلاة، وهنا جاء الأمر الإلهي بنص قرآني كريم بمشروعية وكيفية صلاة الخوف، فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بجماعة ركعتين، ثم انتهوا، وصلى بالجماعة الثانية ركعتين، فكانت للنبي صلى الله عليه وسلم، أربع ركعات وللجيش ركعتين ركعتين، فقرر الرسول صلى الله عليه وسلم، العودة إلى المدينة المنورة، وبذلك انتهت هذه الغزوة دون قتال وأتم الله لرسوله صلى الله عليه وسلم ما أراد من إخضاع القبائل العربية المتمردة بعد أن أنزل في قلوبهم الرعب والخوف من الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وأصحابه والتي دخلت في الإسلام لاحقا وشاركت المسلمين في غزوة حُنين وفتح مكة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى