مقال

الدكروري يكتب عن أعظم ملوك بابل مقيم المدن “جزء 9”

الدكروري يكتب عن أعظم ملوك بابل مقيم المدن “جزء 9”

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء التاسع مع أعظم ملوك بابل مقيم المدن، وكما ذكر أن نبوخذنصر قام بدعم بابل بسورين أحدهما داخلي والأخر خارجي وكان عرضهما كبيرا وقد قال هيرودوت بأن بابل هي المدينة الوحيدة التي كانت تمشي فيها العربات على سورها، كما بنى نبوخذنصر لمدينة بابل ثمانى بوابات وكان أكبرها بوابة عشتار بأسم الآلهة عشتار والتي كانت تتوسط شارع الموكب الذي كان يحتفل به البابليين بعيد أكيتو وهو رأس السنة البابلية، وكما قام نبوخذنصر ببناء المعابد مثل معبد إيساكيلا ومعبد إيتيمينانكي وهي زقورة بابل وألتي عرفت عند اليهود ببرج بابل، والذي كان مسكن الإله مردوخ حسب المعتقد البابلي، وبنى نبوخذنصر قصرا كبيرا لنفسه، وكما نسب إليه بناء تمثال أسد بابل الذي لا زال موجودا في بابل، ووبناء عدة طرقات وخاصة.

 

في الشام وجبل لبنان، كما نقشت إحدى رسوم نبوخذنصر وكتابات له في عدة مناطق من جبال لبنان، وكذلك ذكر أن الملك قام بكتابة شريعة قانونية، وهى مشابهة لشريعة حمورابي وقام بتطويرها وسميت باسم شريعة الشمس، فكانت بابل في زمن نبوخذنصر أجمل مدن العالم القديم ونالت شهرة كبيرة بين الأمم في ذلك الوقت، ويقول نبوخذنصر في إحدى الكتابات المنقوشة على جدار بوابة عشتار “أنا نبوخذنصر، بانى هذه الأسوار، والبوابات، وأنا الذى أوصلتها إلى المياه من تحتها، وأنا الذى وضعت فيها الحجاره الزرقاء الصافيه، وأنا الذى بنيت الغرف داخل السور، وأنا الذى نقشت صور الثيران والتنانين فى السور، وأنا الذى زينتها بهذه الأشكال، الجميله، لكى تتمتع البشريه برؤية هذا المنظر المهيب” وأما عن الملك نبوخذ نصر فى الكتاب المقدس.

 

فقد صوره الكتاب المقدس، كشخصية متغطرسة ومتكبرة وقاسية وخاصة عندما يذكر إرميا، أنه بعدما سبى نبوخذ نصر ملك يهوذا صدقيا، أخذه عنده مكبل بالقيود، حيث قام هناك بقتل أولاد الملك أمام الملك نفسه ثم فقع عيني الملك، وفي سفر دانيال تم تصوير نبوخذنصر كشخصية متغطرسة بعد أن حكم على كل حكماء بابل بالموت بسبب عجزهم عن تفسير إحدى أحلام نبوخذ نصر حتى بدون أن يعرفوا الحلم، ولكن في نفس الوقت صوره كشخصية عادلة بعد أن حكم بالموت على الذين أرادوا قتل شدرخ وميشخ وعبدنغو والذين كانوا أصدقاء دانيال من السبي البابلي، وكما صور نبوخذ نصر بكونه أول ملك أجنبي يؤمن ويعظم إلههم الواحد يهوه أو الله، بعد أن أصيب بسبعة أزمنة بمرض أصبح فيه كالحيوان وبعد انقضاء الأزمنة السبعة آمن بالله وملك لمدة سنتين آخرتين.

 

إلا أن الإجماع بين العلماء هو أن سفر دانيال هو أحد أعمال الخيال التاريخي، ويعتقد أن تحول نبوخذ نصر إلى اليهودية هو حدث غير حقيقي، وأما عن فترة جنونه فيعتقد أنها خيال هي الأخرى، حيث عزاها المؤرخون إلى الشائعات حول إقامة نبو نيد في تيما، والتي تم تطبيقها لاحقا على نبوخذ نصر من خلال الخلط بين الاثنين، بينما ذكر في سفر يهوديت عن نبوخذنصر ملك الآشوريين الذي كان يريد من الناس عبادته، وأما في المصادر الإسلامية، فحسب ما ذكره المؤرخ الطبري باسم بخترشاه، أو بختنصر، أي نبوخذنصر، وقال بأنه كان ملك من أصل فارسي من سلالة جدهارز وذكر أن هناك من آمن بأنه عاش مدة ثلاثة مائة سنة، وتوجد هناك مصادر تاريخية تذكر بأنه كان ملك عديم الرحمة، وهناك مصادر أخرى صورته بأنه حاكم عادل ويعبد الله.

 

وقد تكلم المؤرخ الطبري عن بعض من حروب نبوخذنصر مع بني إسرائيل ومع العرب، وهكذا كان النشاط الرئيسي لنبوخذ نصر الثاني بخلاف كونه قائدا عسكريا، هو إعادة بناء بابل، حيث ساهم في إكمال وتوسعة التحصينات التي بدأها والده، كما أنه بنى خندقا كبيرا وجدارا خارجيا للدفاع عن المدينة، بالإضافة إلى أنه مهّد طريق الاحتفالات الموكبية بالحجر الجيري، وأعاد بناء وزخرفة المعابد الرئيسية، ووهو ثاني أعظم ملك في السلالة الكلدانية الحاكمة في منطقة بابل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى