مقال

الدكروري يكتب عن الإمام شُعْبة بن الحَجّاج ” جزء 3″

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن الإمام شُعْبة بن الحَجّاج ” جزء 3″

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

ونكمل الجزء الثالث مع الإمام شُعْبة بن الحَجّاج، ولعدم ذكره لتلك المرويات التي اتهمه بها، وكما جاء حديث “ليس بين العبيد قصاص” الذي رواه غندر عن شعبة عن حماد عن إبراهيم، فجاء في كتاب العلل أن شعبة لم يسمع هكذا حديث عن حماد، فاتهموا شعبة بالتدليس، إلا أنه وجدت نسخة عن غندر عن شعبة عن عبد الخالق أو الهيثم “وليس شعبة عن حماد” وأيضا في الأولى يحمل التدليس على غندر، وليس على شعبة، فاتهام شعبة دون غيره هنا ليس بوجه حق، وأيضا جاء في حديث “من لبس الحرير في الدنيا لم يلبسه في الآخرة” والذي رواه شعبة عن قتادة السراج عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلي الله عليه وسلم فقيل إنه أغفل هشام الذي رواها عن قتادة، لكن في الأمر روايتان، إحداها موقوفة من شعبة عن طريقة قتادة، والأخرى من شعبة.

 

عن طريق هشام عن طريق قتادة، وتلك مرفوعة، وفي ذلك قال شعبة “وأخبرني هشام وكان أصحب له مني إنه كان يرفعه إلى النبي صلي الله عليه وسلم” وقد روى عنه عنه خلق كثير، أشهرهم، سعد، وأيوب، والأعمش، فقد كانوا شيوخا وتلاميذ له، وسفيان بن سعيد بن مسروق الثوري الكوفي، وقد كان من أقرانه وشيوخه أيضا، يحيى بن سعيد بن فروخ القطان البصري، وهو من شيوخه أيضا، والنضر بن شميل المازني أبو الحسن النحوي البصري، ومحمد بن جعفر الهذلي البصري، المعروف باسم غندر، ومنهج شعبة في طلب ورواية الحديث، وقد اعتمد شعبة منهجا رصينا في طلبه وروايته للحديث، وأهم أسس ذلك المنهج هو تتبعه لأعلام المحدثين، فقد كانت أكثر رحلاته للكوفة لطلب العلم من شيوخها، وقال في ذلك الإمام أحمد بن حنبل.

 

أنه روى عن ثلاثين رجلا من أهل الكوفة لم يرو عنهم سفيان، وقال عنه سفيان بن عيينة لقيت شعبة في طريق مكة فقلت أين تريد؟ فقال أريد الأسود بن قيس، أستفيد منه حديثا، وكان من شدة تحريه في الحديث، أنه قال شعبة في ذلك ما أعلم أحدا فتش الحديث كتفتيشي، وقفت على أن ثلاثة أرباعه كذب، فقد كان لا يرضى أن يسمع الحديث مرة، بل يعاود صاحبه مرارا، فيتأكد ألا خطأ فيه، وقال في ذلك أبو حاتم عن حماد بن زيد ما أبالي من خالفني إذا وافقني شعبة، لأن شعبة كان لا يرضى أن يسمع الحديث مرة، يعاود صاحبه مرارا ونحن كنا إذا سمعناه مرة اجتزينا به، وقال في ذلك شعبة أيضا اختلفت إلى عمرو بن دينار خمسمئة مرة، وما سمعت منه إلا مائة حديث” وكان يشترط وجه المحدث أثناء التحديث وقال في ذلك شعبة.

 

“إذا سمعت من المحدث ولم تري وجهه فلا تروي عنه” ولعله لهذا السبب لم يروي عن امرأة أجنبية سوى شميسة العتكية، وهذا أيضا في بداية أمره، وكما كان هناك انتقادات على شعبة بن الحجاج، وذلك لكثرة ما روى من أحاديث على مر سنوات طويلة، فكان لا بد من طبيعته البشرية ورود بعض الأخطاء البسيطة أمام الكم الهائل مما رواه، ولذلك يوجد علوم ورجالات كثير للحديث، فوردت بعض الانتقادات على بعض أفعاله، ومنها خلط وأوهام في أحاديث معينة، وذلك مثل قلبه للراوي إسماعيل بن محمد في حديث لبس سعد وطلحة خواتيم الذهب، وتسميته لإياد بن لقيط السدوسي بسدوس في حديث مس الذكر، وكذلك تسميته خالد بن علقمة “مالك بن عرفطة” في حديث الوضوء، وغيرها من الأمثلة، علما أن هنالك أوهاما أخرى تنسب إلى شعبة وهي ليست منه.

 

إنما من نقل عنه مثل ما ذكره غندر، أو يحصل وجود عدم يقين في كنية أو لقب شخص بعينه، فيظن أن شعبة توهم مثل الحديث الذي رواه عن حجر، فقد لقبه شعيب بحجر بن عنبس لكن لقبه الثوري بحجر أبو السكن وتبين أن لحجر هذان اللقبان، وأما أوهامه فقد شملت إلى جانب الخلط في عدد من أسماء الرجال أوهاما في الأسانيد والمتون، بعضها نقصان وبعضها زيادة، وأيضا تركه الرواية عن عبد الملك بن أبي سليمان، وأخذه عن محمد بن عبيد الله العرزمي، وقال الخطيب “أساء شعبة في اختياره لمحمد، وتركه عبد الملك، لأن محمد بن عبيد الله لم يختلف أئمة الأثر في ذهاب حديث، وسقوط روايته، وثناؤهم على عبد الملك مستفيض” وكذلك روايته عن جابر الجعفي، والذي كذبه غير واحد، وفي ذلك قال أبو حاتم محمد بن إدريس “إذا رأيت شعبة يحدث عن رجل فاعلم أنه ثقة، إلا نفرا بأعيانهم”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى