مقال

الدكروري يكتب عن الإمام شُعْبة بن الحَجّاج ” جزء 6″

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن الإمام شُعْبة بن الحَجّاج ” جزء 6″

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

ونكمل الجزء السادس مع الإمام شُعْبة بن الحَجّاج، وقال أبو داود الطيالسي سمعت من شعبة سبعة آلاف حديث، وسمع منه غندر سبعة آلاف، وقال أبو زيد الأنصاري هل العلماء إلا شعبة من شعبة؟ وقال أبو قطن عمرو بن الهيثم “كان شعبة كثير الصلاة، كثير الصيام، سخيّ النفس” وقال كذلك ما رأيت شعبة ركع قط إلا ظننت أنه نسي، ولا قعد بين السجدتين إلا ظننت أنه نسي، وقال أبو بحر البكراوي ما رأيت أحدا أعبد لله من شعبة، لقد عبد الله حتى جف جلده على ظهره ليس بينهما لحم، وقال عمر بن هارون “كان شعبة يصوم الدهر كله لا ترى عليه، وكان سفيان الثوري يصوم ثلاثة أيام من الشهر ترى عليه” وقال عبد العزيز بن أبي رواد كان شعبة كثير الصلاة، وقال عبد السلام بن مطهر ما رأيت أحدا أمعن في العبادة من شعبة رحمه الله.

 

وقال أبو زيد الهروي رأيت شعبة يصلي حتى تورم قدماه، وإن من اهتمام شعبة بالفقراء، أنه قال النضر بن شُميل ما رأيت أرحم بمسكين من شعبة،كان إذا رأى المسكين لا يزال ينظر إليه حتى يعطى، وقال عمرو بن حكام أتى شعبة شيخ من جيرانه محتاج، فسأله، فقال له شعبة لم سألتني؟ عندي شيء؟ قال فذهب الشيخ لينصرف، فقال له شعبة اذهب فخذ حماري فهو لك، فقال لا أريد حمارك،قال اذهب فخذه، قال فذهب فأخذه، فمر به على مجالس أصحابنا بني جبلة فاشتراه بعضهم بخمسة دراهم، فأهداه إلى شعبة، وقال أبو داود الطيالسي كنا عند شعبة، فجاء سليمان بن المغيرة يبكي، وقال مات حماري، وذهبت مني الجمعة، وذهبت حوائجي، قال بكم أخذته؟ قال بثلاثة دنانير، قال شعبة فعندي ثلاثة دنانير، والله ما أملك غيرها، ثم دفعها إليه وقال مسلم بن إبراهيم.

 

“كان شعبة إذا وقف في مجلسه سائل، لا يحدث حتى يعطى، فقام يوما سائل ثم جلس، فقال ما شأنه؟ قال ضمن عبد الرحمن بن مهدي أن يعطيه درهما” وقال أبو داود كنا عند شعبة نكتب ما يملي، فسأل سائل، فقال شعبة تصدقوا، فلم يتصدق أحد، فقال تصدقوا فإن أبا إسحاق حدثني عن عبد الله بن معقل، عن عدي بن حاتم، قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “اتقوا النار ولو بشق تمرة” قال فلم يتصدق أحد، فقال تصدقوا، فإن عمرو بن مرة حدثني عن خيثمة، عن عدي بن حاتم قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “اتقوا النار ولو بشق تمرة، فإن لم تجدوا، فبكلمة طيبة، فلم يتصدق أحد” فقال تصدقوا، فإن مُحلا الضبي حدثني عن عدي بن حاتم، قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “واستتروا من النار ولو بشق تمرة، فإن لم تجدوا، فبكلمة طيبة”

 

فلم يتصدق أحد، فقال قوموا عني، فوالله لا حدثتكم ثلاثة أشهر، ثم دخل منزله، فأخرج عجينا، فأعطاه السائل، فقال خذ هذا، فإنه طعامنا اليوم، وقال أبو عاصم النبيل اشترى أخ لشعبة من طعام الخليفة المهدي، فخسر هو وشركاؤه، فحبس بستة آلاف دينار بحصته، فخرج شعبة إلى الخليفة المهدي ليكلمه فيه، فلما دخل عليه، قال له يا أمير المؤمنين، أنشدني قتادة وسماك بن حرب لأمية بن أبي الصلت يقول لعبدالله بن جدعان، أأطلب حاجتي أم قد كفاني، حياؤك إن شيمتك الحياء، كريم لا يعطله صباح، عن الخلق الكريم ولا مساء، فأرضك أرض مكرمة بنته، بنو تيم وأنت لهم سماء، فقال لا، يا أبا بسطام لا تذكرها، قد عرفناها وقضيناها لك، ادفعوا إليه أخاه لا تلزموه شيئا، ومن أقوال السلف في الإمام شعبة، قال يحيى بن معين شعبة إمام المتقين.

 

وقال سلم بن قتيبة أتيت سفيان الثوري، فقال ما فعل أستاذنا شعبة؟ وقال يزيد بن زريع كان شعبة من أصدق الناس في الحديث، وقال عبد الله بن إدريس ما جعلت بينك وبين الرجال مثل سفيان وشعبة، وقال سليمان بن المغيرة شعبة سيد المحدثين، وقال محمد بن عبد الله الرقاشي، عن حماد بن زيد أنه كان إذا حدث عن شعبة، قال حدثنا الضخم عن الضخام شعبة الخير أبو بسطام، وقال سفيان بن عيينة سمعت شعبة يقول من طلب الحديث أفلس، بعت طست أمي بسبعة دنانير، وقال أبو الوليد الطيالسي قال لي حماد بن زيد إذا خالفني شعبة في حديث، صرت إلى قوله، قلت كيف يا أبا إسماعيل؟ قال إن شعبة كان لا يرضى أن يسمع الحديث عشرين مرة، وأنا أرضى أن أسمعه مرة، وقال أبو بكر بن منجويه كان شعبة بن الحجاج من سادات أهل زمانه حفظا وإتقانا، وورعا وفضلا.

 

وهو أول من فتش بالعراق عن أمر المحدثين، وجانب الضعفاء والمتروكين، وصار علما يقتدى به، وتبعه عليه بعده أهل العراق، وقال أبو عبد الرحمن النسائي أمناء الله على علم رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة شعبة بن الحجاج، ويحيى بن سعيد القطان، ومالك بن أنس، وقال النووي أجمع العلماء على إمامة شعبة بن الحجاج في الحديث، وجلالته، وتحرّيه، واحتياطه، وإتقانه، وقال أبو عبد الله الحاكم شعبة بن الحجاج إمام الأئمة بالبصرة في معرفة الحديث، وقال الإمام الذهبي كان شعبة بن الحجاج إماما، ثبتا، حجة، ناقدا، جهبذا، صالحا، زاهدا، قانعا بالقوت، رأسا في العلم والعمل، منقطع القرين، وهو أول مَن جرّح وعدّل، وبعد حياة حافلة بخدمة حديث النبي صلى الله عليه وسلم توفي الإمام الحافظ شعبة بن الحجاج بمدينة البصرة.

 

وكان ذلك سنة مائة وستون من الهجرة، وعمره يومئذ ثماني وسبعون سنة، وقال الإمام الذهبى في سير أعلام النبلاء، قال سعد بن شعبة “أوصى أبي إذا مات أن أغسل كتبه، فغسلتها” قال الذهبى وهذا قد فعله غير واحد، بالغسل وبالحرق وبالدفن خوفا من أن تقع فى يد إنسان واهي يزيد فيها أو يغيِّرها، ولما مات الحافظ شعبة رؤيت له منامات حسنة، منها ما رواه الذهبي في السير عن عبد القدوس بن محمد الحبحابي قال سمعت أبي يقول لما مات شعبة، أريته بعد سبعة أيام، وهو آخذ بيد مسعر، وعليهما قميصا نور، فقلت يا أبا بسطام ما فعل الله بك؟ قال غفر لي، قلت بماذا؟ قال بصدقي في رواية الحديث، ونشري له، وأدائي الأمانة فيه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى