مقال

الدكرورى يكتب عن مفهوم الأم في الإسلام ” جزء 3″

جريدة الاضواء

الدكرورى يكتب عن مفهوم الأم في الإسلام ” جزء 3″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء الثالث مع مفهوم الأم في الإسلام، فإن الأم هي كل شيء في هذه الحياة، هي التعزية في الحزن، والرجاء في اليأس، والقوة في الضعف، وهي ينبوع الحنو والرأفة والشفقة والغفران، فالذى يفقد أمه يفقد صدرا يسند إليه رأسه، ويدا تباركه، وعينا تحرسه، فكل شيء في الطبيعة يرمز ويتكلم عن الأمومة، فالشمس هي أم هذه الأرض ترضعها حرارتها وتحتضنها بنورها، ولا تغادرها عند المساء إلا بعد أن تنومها على نغمة أمواج البحر وترنيمة العصافير والسواقى، وهذه الأرض هي أم للأشجار والأزهار تلدها وترضعها ثم تفطمها، والأشجار والأزهار تصير بدورها أمهات حنونات للأثمار الشهية والبذور الحية، وأم كل شيء في الكيان هي الروح الكلية الأزلية الأبدية المملوءة بالجمال والمحبة، وإن لفظة الأم تختبئ في قلوبنا.

مثلما تختبئ النواة في قلب الأرض، وتنبثق من بين شفاهنا في ساعات الحزن والفرح كما يتصاعد العطر من قلب الوردة في الفضاء الصافي والممطر، وقد مضى ذلك الرجل يقطع الفيافي والقفار, وقد اغبر وجهه، وشعث شعره, وتتابعت أنفاسه, وبلغ به الجهد مبلغه, إذا سار مفازة وقف, وألقى الحمل عن ظهره, وجعل يلتقط أنفاسه مليا, حتى إذا ما استرد إليه نفسه, وهدأت نفسه حمل حمله على ظهره، وسار ميمما بيت الله الحرام، ولم يكن حمله ذاك زادا ولا طعاما, ولا مالا ولا متاعا, وإنما كان هذا المحمول هى أمه التي ربته, فأحسنت تربيته حتى غدا رجلا بلغ من بره ما رأت، فسار الرجل البار تمتطيه أمه نحو البيت الحرام، فطاف بالبيت سبعا، وهو يقول إنى لها مطية لا تذعر، إذا الركاب نفرت لا تنفر، ما حملت وأرضغتنى أكثر، الله ربى ذة الجلال الأكرم.

وبينما هو يطوف إذ رأى الصحابي عبد الله بن عمر رضى الله عنهما، فدنا إليه، وقال يا أبا عبد الرحمن أتراني جازيتها بما فعلت؟ نظر إليه ابن عمر, فرأى وجها شعثا, وجهدا مظنيا, لكن, أنى لابن أن يجزى أما, عندها قال ابن عمر للرجل “لا ولا زفرة واحدة” وعن جاهمة السلمي أنه جاء إلى النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله أردت أن أغزو وقد جئت أستشيرك؟ فقال صلى الله عليه وسلم هل لك من أم؟ قال نعم، قال صلى الله عليه وسلم فالزمها فإن الجنة تحت رجليها” رواه النسائي وابن ماجه، وإن الإحسان إلى الأم سبب لقبول الأعمال, فقال سبحانه وتعالى عن عبده الشاكر لنعمته، البار بوالديه فى كتابه الكريم كما جاء فى سورة الأحقاف ” أولئك الذين نتقبل عنهم أحسن ما عملوا ونتجاوز عن سيئاتهم فى أصحاب الجنة وعد الصدق الذى كانوا يوعدون”

وإن الإحسان إلى الأم سبب للبركة في الرزق وفي العمر, في وقت قلت فيه البركات، وفي الصحيح يقول النبى صلى الله عليه وسلم “من أحب أن يبسط له في رزقه، وينسأ له في أثره، فليصل رحمه” وأعظم الصلة صلة الوالدين، وأتم الإحسان الإحسان إلى الأم، وأيضا قيل أن هناك الأم البديلة، وهي امرأة تحمل الجنين أى يؤجَّر رحمها لحمل جنين، وهذا يكون بنقل البويضة المخصبة لرحمها من امرأة أخرى، وذلك لعدم مقدرة الام الواهبة على الانجاب بيولوجيا، وبالتالي، فإنها تحمل وتلد طفلا وهي ليست الأم البيولوجية للطفل، ويمكن تقسيم وظيفة الأمومة بين الأم البيولوجية للجنين وهى التي تقدم البويضة والام المتبرعة برحمها للحمل وهى المعروفة كبديل، واسم الأم في كثير من الأحيان هو نظرة للمرأة غير الوالدة بيولوجيا والأكثر شيوعا هو الأم المتبنية.

أو زوجة الأب، حاليا، ومع تقدم تقنية الإنجاب، يمكن لوظيفة الأمومة البيولوجية أن تنقسم بين الأم المقدمة للبويضة والأم الحامل، وإنه نظريا لا يمكن أن تكون المرأة الحامل هي الأم اجتماعيا، وتاريخيا، فكانت مهمة تربية الأبناء من مهام الأم كليا ولكن بداية من القرن العشرين، أعطى الأب دورا أكبر في رعاية الأبناء في البلدان الغربية، ولكن أمك, ثم أمك, ثم أمك, قالها المصطفى صلى الله عليه وسلم ثلاثا لمن سأله من أحق الناس بحسن صحابتى، فإنها الأم يا من تريد مغفرة الذنوب, وستر العيوب, فيأتى إلى النبي صلى الله عليه وسلم رجل، فيقول أذنبت ذنبا كبيرا فهل لي من توبة؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم “هل لك من أم؟” قال لا، قال “فهل له من خالة؟” قال نعم، قال “فبرها” رواه أحمد، فيا من تريد رضى رب البريات، وتطلب جنة عرضها الأرض والسموات دونك مفاتحيها بإحسانك لأمك ورضاها عنك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى