مقال

الدكروري يكتب عن المطبلاتي. 

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن المطبلاتي.
بقلم / محمـــد الدكـــروري

هنتكلم عن كلمة مطبلاتى أو بيطبل، وبنسمع كتير أوى اليومين دول واحد يقولك خليه يطبل أو سيبه يطبل شويه، أو يقولك يا عم دول مطبلاتيه، فيعنى إيه الكلام ده، فإن التطبيل يعتبر نفاق أو نوع من أنواع النفاق والتطبيل والنفاق يصنعان مستقبلا وينفخان كروشا ويملآن جيوبا وكل من يقول ذلك صحيح لكن التطبيل والنفاق والتصفيق والتملق وهي ظواهر نشهدها اليوم، وليس ذلك الأمر مقتصرا على طائفة دون أخرى من الناس، أو فئة دون غيرها من العامة، بل هي تشمل أهل النفاق والتطبيل من كل الملل، وهى عاده سيئه إلى حد الموت تلك الأساليب والسلوكيات التي تحيط بها تلك النماذج من أصحاب التطبيل والنفاق، ولا شك في أن ذلك الأسلوب كان ولايزال جزءا لا يتجزأ من أسباب التراجع وسوء الأداء، وتكدس المشاكل في المجتمعات العربية والإسلامية.

بالإمكان مشاهدة الكثير من الأسماء التي لا تمتلك ما يمكن أن يكون نافعا ومفيدا للوطن وللمواطن سوى الادعاء بأنهم أحرص الناس وأفضل الناس وأخلص الناس للأوطان، ولن تجد فيما يطرحونه ما يمكن أن يمثل إضاءة مهمة في الأزمات والظروف الصعبة التي تمر بها الأوطان، على العكس من ذلك، فإنك ستصاب حتما بالتقزز من شدة النفاق والدجل واستخدام المفردات والتعبيرات ذات البعد الطائفي واللون النفاقي في التزلف والتقرب من اصحاب السلطه أو المسئولين، وأقول أن هذه الظاهرة ما كان لها أن تنتشر لو لم يجد أولئك المتاجرون أن لبضاعتهم الفاسدة رواجا بين الراغبين فيها وهذا الكلام لا ينطبق على فئة دون أخرى أو طائفة دون سواها، حتى لا يقفز نفر هنا وهناك.

ويدعي أن طائفتك تفعل ذلك وطائفتي لا تفعل ذلك، فإن الحديث عن أهل النفاق والتلميع والتطبيل لا يقتصر على منافق من طائفة معينة، وهؤلاء المنافقون، في طول الوطن العربي والإسلامي وعرضه، لو لم يجدوا من يسبغ عليهم ويقربهم لما فعلوا ذلك أبدا، ولما سار غيرهم على الطريق الذي اعتبروه أيسر الطرق للوصول إلى الغايات والخلاصة، التطبيل والنفاق والتملق لا يمكن أن تكون أسس بناء وطن أو تطور مجتمع، وإن النفاق داء عضال ينخر في أركان المجتمع حتى يأتي عليه ولخطورة هذا الداء حذر منه الإسلام بكل سوره وأشكاله، ولقد اهتم القرآن الكريم ببيان خطر النفاق والمنافقين فتوسع في ذكر صفاتهم وأخلاقهم وحذر المؤمنين منهم، كما وضح القرآن الكريم جزاءهم وعقوبتهم، ومصيرهم المحتوم بعذاب الله وغضبه يوم القيامه.

وإذا تقررت محنة الإسلام والمسلمين بالمنافقين قديما وحديثا كان لابد من بيان سماتهم والتعرف على علامتهم حتى يحذر المسلمون شرورهم مع أن حصر صفاتهم والإحاطة بعلاماتهم أمر يطول ويصعب، لأن المنافقون هم من أحسن الناس أجساما، وألطفهم بيانا وأخبثهم قلوبا، وأضعفهم جنانا، والنفاق من أخطر الذنوب التي يقع فيها الإنسان، فما يبتلى به إنسان إلا هلك في الدنيا قبل الآخرة، وتنبع خطورته من أنه سبب لهدم المجتمعات، وتمزيق الأواصر، وضياع الحقوق، وتمكين الفاشلين من المسؤوليات الضخام، فالناظر إلى تاريخنا الإسلامي والتاريخ البشري عموما يكتشف أن النفاق كان السبب الأكبر في إشعال الحروب وتمزيق عُرى الأخوة والمحبة بين الناس، وإن من أبرز أوصاف المنافقين والمنافقات هي معاداة المؤمنين والتآمر ضدهم.

وهذه الصفة هي التي عليها أقيم سوق النفاق وازدهر، وهي التي جعلتهم يظهرون الإيمان ويبطنون الكفر، ولأجلها يخادعون ويمكرون، وفي سبيلها أقيمت التحالفات الآثمة، ونسجت خيوط المؤامرات العفنة بينهم وبين كل عدو للإسلام، وإن المسلم لا يقع في النفاق الأكبر، لانه لا يقع فيه إلا الكافر، ولكن يقع المسلم في النفاق الأصغر، ولذلك اشتد خوف الصحابة رضي الله عنهم واشتد حذرهم من النفاق الأصغر وكانوا يسألون حذيفة بن اليمان صاحب سر رسول الله رضي الله عنه لأن الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، كان يخبره بالمنافقين وصفاتهم، فيسألون حذيفة بالله هل عدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم من المنافقين؟ وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يسأل حذيفة بالله هل عده رسول الله صلى الله عليه وسلم من المنافقين؟ يعني النفاق الأصغر.

بأن يقوم الرجل ويتصدق لا يريد وجه الله، وإنما يريد المدح أو يصلي ويطيل الصلاة لا يريد الثواب، وإنما يريد مدح الناس أن ينظروا إليه ويمدحوه، فقل من يسلم من ذلك والإنسان قد يقع في شيء من الكذب وقد يقع في شيء من إخلاف الوعد فعلى المسلم أن يتجنب صفات المنافقين وإن لم يكن منافقا خالصا، فقال النبى الكريم صلى الله عليه وسلم “أربع من كن فيه كان منافقا خالصا ومن كانت فيه واحدة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها، إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا أؤتمن خان” وزاد فى روايه “وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر ” رواه البخارى ومسلم، وإن من تجمعت فيه هذه الصفات القبيحة من الكذب في الحديث والخيانة في الأمانة والغدر في العهود والفجور في الخصومات، لم يبقي معه من الإيمان شيء وصار منافقا خالصا.

فهي بمنزلة الأمراض الخطيرة التي متى تجمعت في جسم أفسدته وقضت عليه، ومن كانت فيه خصلة واحدة منها فقد اتصف المؤمن بصفة من صفات المنافقين، فقد صار فيه إيمان ونفاق، فإن استمرت فيه هذه الخصلة الذميمة فهي حرية أن تقضي على ما معه من الإيمان لأنها بمنزلة الميكروب الذي يحل بالجسم فإن لم يسع في علاجه وإزالته قضى على الجسم وإن تاب إلى الله وترك هذه الخصلة الذميمة واتصف بضدها من صفات الإيمان برئ من النفاق وتكامل إيمانه وهذا شأن المسلم، وإن تاريخ المنافقين حافل بالسخرية بالدين والاستهزاء واللمز بالإسلام والمسلمين، والمتأمل في الآيات التي نزلت حول المنافقين سيقف بلا شك أمام كثرة سخريتهم من المؤمنين واستهزائهم وتهكمهم بهم، وهذا الفعل منهم أصبح علما عليهم لعدم تصور فعله من المؤمنين.

ولبعد الكفرة والمشركين عن مخالطة أهل الإيمان ومعرفة تفاصيل حياتهم وهو الأمر الذي يزود المنافقين بمادة السخرية والاستهزاء، وإن الموقف الشرعي من هؤلاء المنافقين هو أن نحذرهم لأنهم يظهرون ما لا يبطنون، ويسرون ما لا يعلنون ولربما تحدثوا باسم الدين فاغتر بهم الأغرار، فيحسبونهم من الناصحين والله أعلم بما يكتمون، ومع الحذر منهم لا بد من كشف خططهم وفضح أساليبهم، فهم جبناء وأصحاب حيل ومكر وخديعة لا يجرؤون على التصريح بما يريدون، فيسعون إلى التدمير باسم التطوير، وإلى الإفساد باسم الإصلاح، والنفاق يُزرع وينبت له ساقان، وهما ساق الكذب وساق الرياء، ويُسقى بعينين هما عين ضعف البصيرة وعين ضعف العزيمة، يعني رؤيته غلط ، وإرادته ضعيفة، وفي عنده كذب وفي عنده رياء.

يعني أربع دعائم للنفاق الكذب والرياء وضعف البصيرة وضعف العزيمة، ورؤيته مضطربة، وعزيمته ضعيفة، ويعتمد الكذب، ويعتمد الرياء، فاحذروا من النفاق ومن المنافقين، وتجنبوا صفات المنافقين إذا حدث كذب، فهم حرفتهم الكذب، ويفرحون بالكذب ويروجون الكذب بين المسلمين، وإذا وعد أخلف، لا يفي بوعده، لأنهم ليس معهم إيمان، وإذا خاصم فجر، إذا خاصم في المحكمة فإنه يفجر في اليمين ويحلف وهو كاذب ويشهد شهادة الزور، وغير ذلك من صفات المنافقين فاحذروهم وحذروا منهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى