مقال

الدكروري يكتب عن الإمام الفضيل بن عياض ” جزء 2″

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن الإمام الفضيل بن عياض ” جزء 2″

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

ونكمل الجزء الثاني مع الإمام الفضيل بن عياض، وقال ابن المبارك عنه ما بقى على ظهر الأرض عندي أفضل من فضيل بن عياض، وقال الذهبي هو الإمام القدوة الثبت شيخ الإسلام، وقال ابن حجر هو ثقة عابد امام، وكان من أقوال الفضيل بن عياض، أنه قال من خاف الله لم يضره أحد، ومن خاف غير الله لم ينفعه أحد، وقال بقدر ما يصغر الذنب عندك يعظم عند الله، وبقدر ما يعظم عندك يصغر عند الله، وقال الخوف أفضل من الرجاء ما دام الرجل صحيحا، فإذا نزل به الموت فالرجاء أفضل، وقيل له ما الزهد؟ قال هو القنوع، وقيل له ما الورع؟ قال هو اجتناب المحارم، وقيل له ما العبادة؟ قال هو أداء الفرائض، وقيل له ما التواضع؟ قال هو أن تخضع للحق، وقال الفضيل لو أن لى دعوة مستجابة ما جعلتها إلا في السلطان وقيل له يا أبا على فسر لنا هذا.

 

قال إذا جعلتها في نفسى لم تعدني، وإذا جعلتها في السلطان صلح فصلح بصلاحه العباد والبلاد، وقال الفضيل عليك بطرق الهدى ولا يضرك قلة السالكين، وإياك وطرق الضلالة ولا تغتر بكثرة الهالكين، وقال أيضا لا يبلغ العبد حقيقة الايمان حتى يعد البلاء نعمة والرخاء مصيبة وحتى لا يحب أن يحمد على عبادة الله، كما قال من استوحش من الوحدة واستأنس بالناس لم يسلم من الرياء، لا حج ولا جهاد أشد من حبس اللسان، وليس أحد أشد غما ممن سجن لسانه، وقال أيضا كفى بالله محبا، وبالقرآن مؤنسا، وبالموت واعظا، وقال خصلتان تقسيان القلب، كثرة الكلام، وكثرة الأكل، وقال إذا أحب الله عبدا أكثر غمه، وإذا أبغض عبدا وسع عليه دنياه، وكما قال لو أن الدنيا بحذافيرها عُرضت على ولا أحاسب بها لكنت أتقذرها، كما يتقذر أحدكم الجيفة إذا مر بها أن تصيب ثوبه.

 

وقال لو حلفت أني مُراء أحب إلي من أن أحلف أني لست بمراء، وقال ترك العمل لأجل الناس هو الرياء، والعمل لأجل الناس هو الشرك، قال إني لأعصى االله، فأعرف ذلك في خُلق حماري وخادمي، وارتحل في طلب العلم، فكتب بالكوفة عن منصور والأعمش وبيان بن بشر وحصين بن عبد الرحمن وليث وعطاء بن السائب وصفوان بن سليم وعبد العزيز بن رفيع وأبي إسحاق الشيباني ويحيى بن سعيد الأنصاري وهشام بن حسان وابن أبي ليلى ومجالد، وأشعث بن سوار، وجعفر الصادق وحميد الطويل وخلق سواهم من الكوفيين والحجازيين، وقد استمر به ذلك إلى أن انتهى بالتزهد والتعبّد والورع، وكان الكثير من العلماء والمحدثين من يفعلون ذلك فانتقل إلى الحرم، وبقي مجاورا لها طيلة حياته، زاهدا في الدنيا، عابدا لله سبحانه وتعالى، قنوعا بما قسم الله له.

 

وكان ينشر علمه بين الناس في الحرم، حتى أنه قد سُمّي بمجاور الحرم، وروى عنه سفيان الثوري أجل شيوخه، وبينهما في الموت مائة وأربعون عاما، وقال أبو عبيد، قال ابن مهدي فضيل رجل صالح ، ولم يكن بحافظ، وقال العجلي كوفي ثقة متعبد رجل صالح سكن مكة، وقال محمد بن سعد عن الفضيل أنه ولد بخراسان بكورة أبيورد، وقدم الكوفة وهو كبير، فسمع من منصور وغيره، ثم تعبد وانتقل إلى مكة ونزلها إلى أن مات بها في أول سنة سبع وثمانين ومائة في خلافة هارون الرشيد وكان ثقة نبيلا فاضلا عابدا ورعا، كثير الحديث، وقال أبو وهب محمد بن مزاحم سمعت ابن المبارك يقول رأيت أعبد الناس عبد العزيز بن أبي رواد، وأورع الناس الفضيل بن عياض وأعلم الناس سفيان الثوري وأفقه الناس أبا حنيفة ما رأيت في الفقه مثله.

 

وروى أحمد بن أبي الحواري عن الهيثم بن جميل قال سمعت شريكا يقول لم يزل لكل قوم حجة في أهل زمانهم وإن فضيل بن عياض حجة لأهل زمانه، فقام فتى من مجلس الهيثم، فلما توارى قال الهيثم حجة عاش هذا الفتى يكون حجة لأهل زمانه، قيل : من كان الفتى ؟ قال أحمد بن حنبل، وقال عبد الصمد مردويه الصائغ قال لي ابن المبارك إن الفضيل بن عياض صدق الله فأجرى الحكمة على لسانه، فالفضيل ممن نفعه علمه، وقال أبو بكر عبد الرحمن بن عفان سمعت ابن المبارك يقول لأبي مريم القاضي ما بقي في الحجاز أحد من الأبدال إلا فضيل بن عياض وابنه علي، وعلي مقدم في الخوف، وما بقي أحد في بلاد الشام إلا يوسف بن أسباط وأبو معاوية الأسود وما بقي أحد بخراسان إلا شيخ حائك يقال له معدان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى