مقال

الدكروري يكتب عن لا تؤمنوا حتى تحابّوا.

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن لا تؤمنوا حتى تحابّوا.
بقلم / محمـــد الدكـــرورى

لقد وضح لنا النبي الكريم محمد صلي الله عليه وسلم شرط دخول الجنه وهو الايمان بالله التام، وكما وضح لنا جميعا شرط الايمان وهو المحبة فى الله تعالي الخالصة، فاتقوا الله واحذروا عواقب ما يعود عليكم بالضرر في أمور دينكم ودنياكم، واحذروا عواقب الشحناء والبغضاء وفي الحديث الشريف عن أبي هريرة رضِي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال “تفتح أبواب الجنة يوم الاثنين ويوم الخميس، فيُغفر لكل عبد لا يشرك بالله شيئا، إلا رجلا كانت بينه وبين أخيه شحناء فيقال أنظروا هذين حتى يصطلحا، أنظروا هذين حتى يصطلحا، أنظروا هذين حتى يصطلحا” رواه مسلم، إن الأخلاق هي أفضل مامدح الله عز وجل به نبيه الكريم محمد صلي الله عليه وسلم فقال تعالي ” وإنك لعلى خلق عضيم” والأخلاق هي أن يكون الرجل كثير الحياء.

قليل الأذى، كثير الصلاح، صدوق اللسان، قليل الكلام، كثير العمل، قليل الزلل، صبورا حليما رفيقا عفيفا شفيقا، لا لعانا ولا سبابا ولا نماما ولا مغتابا، ولا حقودا، ولا بخيلا ولا حسودا، فهو يحب في الله، ويبغض في الله، ويرضى في الله، ويغضب في الله، وعلينا جميعا أن نعلم علم اليقين أن الأمة حينما تفقد القيم الأخلاقية تكون قد انتهت، وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن همُ ذهبت أخلاقهم ذهبو، وإننا نعيش اليوم في مجتمعنا أزمة حقيقية أزمة أخلاق في كل المستويات فهناك أزمة أخلاقية بين الكبير والصغير وبين المدير والعاملين، وبين الأستاذ وتلاميذه، وبين التاجر والمشتري، وبين الرجل وزوجته، والأخ واخوه، والرجل وأقاربة، وإن كل هذا بسبب ضعف الوازع الديني والأخلاقي، وإنه لا حل لمشاكلنا التي نحن فيها الآن الا بالعودة الى الله عز وجل.

فنعود إلي الدين وإلي منهج الإسلام، ونعودة الى الأخلاق الكريمة الحميدة من الرحمة والعدل والإنصاف والإحسان والعفو والحلم، إن الوقفة مع الأخلاق هي عندما يأتي رجل ويمسك النبي صلى الله علية وسلم، من ثيابة بشدة ويقول له يا محمد اعطني من مال الله، فهذا ليس مالك ولا مال أبيك فيعطى النبي صلى الله علية وسلم، هذا الأعرابي، ثم يقول له هل رضيت؟ هل أحسنا إليك؟ قال لا، ما أحسنت، ولا أجملت، ثم أعطاه الثانية، فقال هل رضيت؟ قال لا، ثم أعطاه الثالثة، قال رضيت؟ قال نعم، فجزاك الله من أهل، ومن عشيرة خيرا، فما أحوج الأمة الآن أن تحول خلق النبي صلى الله عليه وسلم في حياتها إلى منهج حياة، وإلى واقع، وما أحوج الأمة التي تجيد الكلام والخطابات والأشعار إلى أن تحول خلق النبي المختار إلى واقع عملي ومنهج حياة.

فلو ظللنا الدهر كله نتغنى بخلق النبي صلى الله عليه وسلم ونحن لم نمتثل أمره ولم نجتنب نهيه ولم نقف عند حده، ولم نذب وندافع عن سنته ولم نحمل هم دعوته، فوالله لن نغير من الواقع شيئا، فما أحوج الأمة في هذا الوقت أن تحول خلقه إلى واقع عملي ومنهج حياة، فما قيمة الدنيا بحذافيرها مع خسارة الآخرة؟ وما أشقى حياة من أطاع هواه وشيطانه، وابتعد عن أخلاق دينه، وتوجيهات نبيه صلي الله عليه وسلم، فلوموا أنفسكم فيما وقعتم فيه من تعب نفوس، ومشقة أبدان، وارجعوا إلى ما فيه طمأنينة النفوس، وراحة الأبدان، وخذوا بتعاليم ربكم، وهدي نبيكم تجدوا السعادة في هذه الحياة، والفوز في الآخرة، فقال الله العظيم موضحا للأمة المحمدية قائلا عز وجل ” لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر، وذكر الله كثيرا”

واعلموا رحمكم الله أن التشاحن والتقاطع من أسباب نزع البركات، وقلة الخيرات، وذهاب الأمم، وتسليط الأعداء، وأن التحاب والتعاون على الخير من أسباب جلب الخيرات، وقوة المسلمين، وقد أخبر نبينا صلوات الله وسلامه عليه أن اليهود افترقت على إحدى وسبعين فرقة، وافترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة، وأن أمته ستفترق على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة، قالوا مَن هي يا رسول الله؟ قال “مَن كان على مثل ما أنا عليه وأصحابي” فالخطر عظيم يا عباد الله، والأعداء كثيرون، والباطل ينمّق ويُحسّن، ودعاته أكثر من دعاة الخير، ومذاهبه متعددة، وكل فرقة تدعو إلى مذهبها وتحسين باطلها، وتسعى في كسب أنصار ومروّجين، والحق واحد وإن قلّ أنصاره ودُعاته، وما بعد الحق إلا الضلال، وإذا دخل العقيدة ما يشوبها فسد العمل.

فالله الله يا عباد الله في التمسك بدينكم وعقيدتكم السليمة، والحذر الحذر من فرق الضلال والمبتدعين الذين يحسنون الباطل ويقللون من شأن الأعمال التي أمر الله تعالي بها رسوله صلى الله عليه وسلم ويحقرون الذنوب في أعين البعض، ففي الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنه قال ” الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر” فالبعض قد ينخدع بمن يحسن له الباطل بقوله له الجمعة إلى الجمعة تكفر ما بينهما، ولا يذكر له إذا اجتنبت الكبائر، فلا بد مع العمل الصالح من اجتناب الكبائر وعدم الإصرار على الصغائر، فالبعض قد يقلل أمر الصغائر ونبينا صلوات الله وسلامه عليه كما حذر من كبائر الذنوب حذر من صغائرها بقوله ” إياكم ومحقرات الذنوب، فإنهن يجتمعن علي الرجل فيهلكنه”

وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضِي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال “لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن” فلا بد من العمل، ومع العمل الصالح لا بد من اجتناب المحرمات، وأخطر من ذلك ما يدخل على العقيدة ويشوبها، فقول البعض الإيمان في القلب، ولا يكفي، فلا بد من العمل مع الإيمان، فالإيمان قول باللسان واعتقاد بالقلب وعمل بالجوارح، يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم، أفشوا السلام بينكم” رواه مسلم، فاتقوا الله في أنفسكم يا عباد الله، وتعاونوا على البر والتقوى.

وأصلحوا ذات بينكم، وأزيلوا ما يوجب قطيعة الرحم، والوقوع في الآثام، فكم من نزاع وتشاحن أدى إلى ذلك، وتدبروا كتاب ربكم، فقال الله عز وجل ” فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم، أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمي أبصارهم، أفلا يتدبرون القرآن أم علي قلوب أقفالها” فاللهم طهر قلوبنا وأصلح ذات بيننا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى