مقال

الدكرورى يكتب عن أتي إلينا شهر الهداية والغفران ” جزء 2″

جريدة الأضواء

الدكرورى يكتب عن أتي إلينا شهر الهداية والغفران ” جزء 2″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء الثاني مع أتي إلينا شهر الهداية والغفران، وهكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل فكان يشوق أصحابه إلى رمضان، كما قيل له حرض المؤمنين على القتال، كذلك يشوق المؤمنين إلى مواسم الطاعة، فيقول” أتاكم رمضان شهر مبارك فرض الله صيامه، تفتح فيه أبواب السماء بين فرضيته، بين قدومه، بين ميزاته، تفتح فيه أبواب السماء، تغلق فيه أبواب الجحيم، تغل فيه مردة الشياطين، وهذه هى الإعانة على العبادة تصفيد المردة لأجل تمكين الناس من الإقبال، فإن المردة يحولون بينهم وبين الطاعة، والله قد هيأ لنا الأسباب بقي العمل منا، لله فيه ليلة خير من ألف شهر لتشتاق النفوس للعمل، ولتتهيأ وتزداد في مضاعفة الجهد في هذا الشهر، وأما عن حكم التهنئة باستقبال شهر رمضان، فإنها طيبة، فقال ابن رجب رحمه الله.

“هذا الحديث أصل في تهنئة الناس بعضهم بعضا بشهر رمضان، وكيف لا يبشر المؤمن بفتح أبواب الجنان، وكيف لا يبشر المذنب بغلق أبواب النيران، وكيف لا يبشر العاقل بوقت يغل فيه الشياطين، وقد سئل الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله عن هذا فقال طيبة ويعني التهنئة، وهى التهنئة بدخول رمضان لأنه شيء في النفوس يعتلج في النفس، ولذلك فإن البوح به والإخبار، إنه من الطاعات، إن الناس كانوا فيما مضى يتراءون الهلال من شوقهم لرمضان ويتراءون ويحاولون أن يروا الهلال، وهذه سنة مختفية في هذا الزمن المتأخر، فيقول تراءى الناس الهلال، أى إنهم يخرجون لرؤيته، وإنهم يبحثون عنه، فإن النفوس متلهفة والقلوب مقبلة، ولذلك العيون والأبصار متطلعة، تريد أن ترى الشهر، وتراءى الناس الهلال، وهى سنة البحث عن الهلال.

فإنها اشتياق لرمضان، وهكذا فإن التحرى لهلال هذا الشهر ليس مقصورا على ناس معينين توكلهم المحكمة، لا، تراءى الناس الهلال يعني كل الناس، فلو أن إنسانا عرف من أين يخرج الهلال، وقبل كم من غروب الشمس يكون موجودا، وفي أي ناحية من السماء، وعلى أى درجة يكون مرتفعا، وكيف يكون شكله، وفتحة الهلال إلى أي جهة، إنه يستعين بهذه المعلومات على الترائى لأن الشخص العادى لا يعرف في أي جهة يظهر الهلال، ولا في أي مكان، ولا الساعة كم، ولا عادة قبل مغيب الشمس بكم، ولا يدري هل هو أصلا قبل مغيب الشمس، أو بعد مغيب الشمس، فالتحري لهذا الهلال من أدلة الاشتياق للعبادة، وأيضا فيه إعانة على الطاعة لأن إخبار المسلمين بعضهم بعضا، بهذا الدخول، ضبط الشهر مطلوب شرعا، وضبط الشهر واجب.

أمر النبى صلى الله عليه وسلم بالتحري، وقد أمر بالتحرى، وإن من الاستعدادات أيضا هو قضاء ما فات قبل دخول رمضان، وكثير من الناس عليهم أيام فيما مضى من رمضان، وقد يكون بعض ذلك بعذر متصل، وقد يكون العذر انتهى من زمان، لكنه لم يصم ما فات، فليبادر قبل فوات الأوان، بعضهم أخر لعذر، وبعضهم أخر لغير عذر، ولذلك من دخل عليه رمضان وما صام ما فاته فإنه يجب عليه بعد انقضاء رمضان قضاء ما فات من رمضان الذي قبله، وإطعام مسكين عند كثير من العلماء مذهب مالك والشافعي وأحمد أخذا بفتوى عبد الله بن عباس رضى الله عنهما وأبي هريرة رضى الله عنه في ذلك وهو إطعام مسكين زائد القضاء مع التوبة من التأخير ومن كان عذره متصلا أو عذرها متصلا كامرأة حامل ثم وضعت فصارت نفساء.

ثم أرضعت فاتصل عذرها حتى دخل رمضان الجديد، فليس عليها إلا القضاء فقط، ومريض امتد مرضه حتى دخل رمضان الجديد، فليس عليه إلا القضاء فقط بعد أن يعافيه الله، ويدخل رمضان على ناس مرضى، فهذا عنده فشل كلوي، وهذا عنده قرحة في المعدة، وهذا عنده صرع، وهذا عنده أشياء وأشياء مما يحول بينه وبين الصيام، ألا فليعلم هؤلاء المعذورون أن أجرهم عند الله لا ينقص، إذا كان عندهم عزيمة على الفعل، ومنعوا بشيء قهرى، فإن أجرهم مكتوب عند رب العالمين، ما قطعتم واديا، ولا سرتم مسيرا إلا هم معكم لماذا؟ حبسهم العذر، وإن من التشويق لرمضان أن نمنع من الصيام قبله بيوم أو يومين، وهذا من سد ذرائع الزيادة في العبادة، فحتى لا يزاد فيه ما ليس منه، منعنا من تقدم رمضان بيوم أو يومين، إلا أصحاب القضاء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى