مقال

الدكروري يكتب عن أم الخبائث ” جزء 1″

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن أم الخبائث ” جزء 1″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى

إن شباب الإسلام وفتياته مستهدفون من الأعداء بكل أنواع الاستهداف، فهم مستهدفون في عقائدهم وأفكارهم لتغييرها، ومستهدفون في قناعتهم بالانتماء إلى أمتهم لتبديلها، ومستهدفون في أخلاقهم وسلوكهم لإفسادها، حتى إنهم مستهدفون في عقولهم وأجسادهم لإتلافها بالمسكرات والمخدرات، وترويجها بين الشباب والفتيات وإن الشباب في كل زمان ومكان فهم عماد الأمة وسر نهضتها، ومبعث حضارتها، وحامل لوائها ورايتها، وقائد مسيرتها إلى المجد والنصر، وإن الإسلام لم ترتفع في الإنسانية رايته، ولم يمتد على الأرض سلطانه، ولم تنتشر في العالمين دعوته إلا على يد هذه الطائفة المؤمنة التي تربت في مدرسة الحبيب المصطفي صلى الله عليه وسلم وتخرجت في جامعته الشاملة، فقد روي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه قال ما بعث الله نبيا إلا شابا.

ولا أوتي العلم عالم إلا شابا، ثم تلا هذه الآية ” قالوا سمعنا فتى يذكرهم يقال له إبراهيم” وقد أخبر الله تعالى به ثم أتى يحيى بن زكريا الحكمة قال تعالى “وآتيناه الحكم صبيا” وقال تعالى “إذ أوى الفتية إلى الكهف” وقال تعالي “إنهم فتية آمنوا بربهم” وقال تعالي “وإذ قال موسى لفتاه” ففي كل زمان ومكان، وفي جميع أدوار التاريخ البشري كان الشباب هم عماد الأمم، وسبب نهضتها، ومنبع قوتها وهم في كل أمة وزمان أصحاب الهمم العالية، والنفوس الأبيّة، والقلوب السليمة، والقوة الضاربة، ولقد كرم الله سبحانه وتعالى الإنسان بالعقل وجعله مناط التكليف وأحاطه بالخطاب والتنبيه في القرآن الكريم والحديث الشريف وبالعقل تميز الإنسان وتكرّم، وترقى في شأنه وتعلم، وجعله الشارع الحكيم ضرورة كبرى، وشرع لصيانته الحق والحد، وبالعقل يميز الإنسان بين الخير والشر والنفع والضر.

وبه يتبين أوامر الشرع ويعرف الخطاب، ويرد الجواب ويسعى في مصالحه الدينية والدنيوية، فإذا أزال الإنسان عقله لم يكن بينه وبين البهائم فرق، بل هو أضل منها، بل قد يُنتفع بالحيوان، أما الإنسان فلا يُنتفع به بعد زوال عقله، بل يكون عالة على غيره، يُخشى شره ولا يُرجى خيره، ولقد خلق الله الإنسان في هذا الكون ليعمره ويكون خليفة في الأرض، ووهبه الله نعما كثيرة لا تعد ولا تحصى، وأمره أن يقوم عليها ويرعاها ويحفظها ولا يعتدي عليها بأي أنواع الاعتداء، ومن المعلوم أن عقل الإنسان ليس ملكا له على وجه الحقيقة، وإنما هو بمثابة الوديعة أو العارية عنده، لأنها ملك خالقها وهو الله عز وجل، وليس من حق الإنسان وهو بمثابة الوديع أو المستعير إتلاف ما استودعه الله إلا إذا أذن له الله تعالى بذلك كما في الجهاد، وإن العقل أحد الضرورات الخمس التي أوجب الشارع حفظها.

حيث يقول الإمام الشاطبي في الموافقات ومجموع الضرورات خمس هي حفظ الدين والنفس والنسل والمال والعقل، وهذه الضرورات إن فقدت لم تجر مصالح الدنيا على استقامة، بل على فساد وتهارج، وفوت حياة، وفي الآخرة فوت النجاة والنعمة، والرجوع بالخسران المبين، فالعقل من أعظم الفروق بين الإنسان والحيوان، وهو مناط التكليف، فالإنسان لا يكلف حتى يبلغ الحلم، ويكون عقله ثابتا، ولهذا فالمجنون لا ترتبط به التكاليف ولا تناط به، بل يرفع عنه القلم حتى يعود إليه عقله، وإن آفة المجتمعات اليوم هي المسكرات والمخدرات وهى أم الخبائث وأم الكبائر وأصل الشرور والمصائب، وقد شتتت الأسر، وهتكت الأعراض، وسببت السرقات، وجرأت على القتل وأودت بأصحابها إلى الانتحار، وأنتجت كل بليّة ورذيلة، وقد أجمع على ذمها العقلاء منذ عهد الجاهلية.

وترفع عنها النبلاء من قبل الإسلام، فلما جاء الإسلام ذمّها وحرّمها ولعنها، ولعن شاربها وعاصرها ومعتصرها وحاملها والمحمولة إليه، وإن من أعظم المخاطر التي يتسبب بها تعاطي الخمور والإدمان على شربها، هو تأثيرها على القوى العقلية لدى الإنسان فيفقده إياها، حيث يُعد العقل من أعظم النعم التي أنعم الله بها على الإنسان، إذ إن إدمان شرب الخمر يؤثر على مركز الذكاء لدى الإنسان، ويعمل على انخفاض نسبته، كما يلعب دورا في إتلاف مراكز الدماغ وضمورها، وهذا ما يمكن إثباته بواسطة الأشعة المقطعية المحورية للدماغ، والتأثير الذي يسببه شرب الخمر على خلايا الدماغ، يتجسد ظاهريا على جسم الإنسان بعدة أمراض خطيرة، منها العته الدماغي، وفقدان الشخص الذاكرة، خاصة للأحداث التي عايشها حديثا، وليسد الإنسان هذه الفجوة، يلجأ لاختلاق الأحداث التي ليس لها أي اتصال بالواقع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى