ثقافة

الدكروري يكتب عن الإمام إبن عيينة ” جزء 1″

جريدة الأضواء

بقلم / محمـــد الدكـــروري

الإمام إبن عيينة هو سفيان بن عيينة بن أبي عمران ميمون الكوفي وهو محدث الحرم المكي، ولد ونشأ بالكوفة، وسكن مكة وتوفي بها، طلب الحديث، وهو غلام، وسمع في سنة مائة وتسعة عشر من الهجرة وبعد ذلك، فهو الإمام الكبير والمحدث الشهير سفيان بن عيينة بن أبي عمران ميمون الهلالي مولاهم أبو محمد الكوفي، وكان الإمام سفيان بن عيينة يكنى بأبي محمد الهلالي الكوفي، ثم المكي، ولقب بشيخ الإسلام، وشيخ الحجاز، وقد ولد الفقيه ابن عيينة بمدينة الكوفة، سنة سبع ومائة هجرية، وكان مولده ليلة النصف من شعبان، وكان والده عيينة يكني أبا عمران، وكان من عمال خالد بن عبد الله القسري، فلما عزل عن العراق، وولي يوسف بن عمر الثقفي طلب عمال خالد فهربوا منه، فلحق عيينة بمكة المكرمة فنزلها، وقيل بأن جده ميمون هو المكنى بأبي عمران وهو الذي كان من عمال خالد في العراق ثم هرب فنزل مكة.

وفي رواية لسفيان يقول كان أبي صيرفيا بالكوفة، فركبه دين فحملنا إلى مكة، وقيل كان أبوه خزازا بالكوفة ولكنه كان يحب العلم فخلف عشرة، فكان يحثهم على طلب العلم فتعلم منهم خمسة حتى رووا الحديث، سفيان وإبراهيم ومحمد وآدم وعمران لكن أكثرهم شهرة وأغزرهم علما وأحفظهم للحديث سفيان، وكان رحمه الله تعالى مغرما بطلب الحديث فطلبه من أهله الكبار، وكان يقول أول العلم الاستماع ثم الإنصات ثم الحفظ ثم العمل ثم النشر، وكان يقول أيضا كنت أخرج إلى المسجد فأتصفح الخلق فإذا رأيت كهولا ومشيخة جلست إليهم، وكان لا يتجرأ على الفتوى، فإذا سئل قال اسألوا أهل الفقه العلماء وسلوا الله التوفيق، ويقول إذا ترك العالم لا أدري فقد أصيبت مقاتله، فكان يعرف قيمة الفقه، والعلم بتواضع لا مثيل له، وكان لا يتكبر أن يسأل الفقهاء عن مسألة، وقد سأل أصحابه مرة عن مسألة فكان كل واحد يدله على أبي حنيفة.

فتعجب كيف يكون عند الفقهاء ما لا يكون عند المحدثين؟ فلما سأل أبا حنيفة وأجابه أعجبه الجواب، فقال له من أين أخذت دليلك؟ قال له من حديث حدثتنيه أنت عن الأعرج عن أبي هريرة، فطأطأ رأسه، وقال له والله إني لأحدث بهذا الحديث منذ أربعين سنة ما فطنت لهذا المأخذ، فيا معشر الفقهاء أنتم الأطباء ونحن الصيادلة، وكان عابدا زاهدا فقيرا، ومع فقره كان يحج كل عام حتى حج سبعين مرة وفي رواية ثمانين فقال في آخر موقف وقفه بعرفة قد وافيت هذا الموضع سبعين مرة أقول في كل سنة اللهم لا تجعله آخر العهد من هذا المكان، وإني قد استحييت من الله من كثرة ما أسأله ذلك، فرجع فتوفي في تلك السنة رحمه الله تعالى، ولقي ابن عيينه الكبار وحمل عنهم علما جما، وكان حافظا ثقة، واسع العلم كبير القدر، وعمر دهرا، وانتهى إليه علو الإسناد، قال الشافعي لولا مالك وسفيان لذهب علم الحجاز، وأجمع الناس على صحة حديثه وروايته.

وروى الحديث عن الكبار ومنهم الزهري، أبو إسحاق السبيعي، شبيب بن غرقدة البارقي، عمرو بن دينار، محمد بن المنكدر، أبي الزناد، عاصم بن أبي النجود، الأعمش وعبد الملك بن عمير وغيرهم، ومن أحسن ما قاله سفيان قوله ليس في الأرض صاحب بدعة إلا وهو يجد ذلة تغشاه، قال وهي في كتاب الله تعالى قالوا وأين هي من كتاب الله تعالى؟ قال أما سمعتم قوله تعالى ” إن الذين اتخذوا العجل سينالهم غضب من ربهم وذلة في الحياة الدنيا” قالوا يا أبا محمد هذه لأصحاب العجل خاصة، قال كلا اقرأوا ما بعدها ” وكذلك نجزي المفترين” فهي لكل مفتر ومبتدع إلى يوم القيامة، ومن كلامه الذي يدل على أنه مغرم بالحديث وحق له الغرام، قوله من طلب الحديث فقد بايع الله تعالى، ومن الحكم المأثورة عنه قوله إنكم لن تزالوا بخير ما أحببتم خياركم وقيل فيكم بالحق فعرف، وويل لكم إذا كان العالم فيكم كالشاة النطيح.

وروى عنه عدد كبير من العلماء الأجلاء والأئمة الكبار منهم الأعمش، وابن جريج، وشعبة بن الحجاج وهؤلاء من شيوخه وهمام بن يحيى، والحسن بن حي، وزهير بن معاوية، وحماد بن زيد، وإبراهيم بن سعد، وأبو إسحاق الفزاري، ومعتمر بن سليمان، وعبد الله بن المبارك، وعبد الرحمن بن مهدي، ويحيى القطان، والشافعي، وعبد الرزاق، والحميدي، وسعيد بن منصور، ويحيى بن معين، وعلي بن المديني، وإبراهيم بن بشار الرمادي، وأحمد بن حنبل، وأبو بكر بن أبي شيبة، ومحمد بن عبد الله بن نمير، وإسحاق بن راهويه وغيرهم خلق كثير، وقال الذهبي هو أحد الأعلام ثقة ثبت حافظ إمام، ومرة أحد أئمة الإسلام، وقال بشر بن المفضل ما بقي على وجه الأرض أحد يشبه سفيان بن عيينة، وقال سفيان الثوري ذاك أحد الأحدين ما كان أغربه، وقيل هو أعلم الناس بحديث أهل الحجاز، وكذلك يعد سفيان بن عيينة من رواة الحديث عند الشيعة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى