مقال

الدكروري يكتب عن الإمام حفص ” جزء 5″

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن الإمام حفص ” جزء 5″
بقلم / محمـــد الدكـــروري

ونكمل الجزء الخامس مع الإمام حفص، وأما عن الشبهة الثالثة؟ وهي اتهام حفص بالكذب، وكان الرد هو أن اتهمه ابن خراش بالكذب والرد عليه كما يلي، أولا ابن خراش اتهم حفصا بالكذب فقال كذاب متروك يضع الحديث، وابن خراش هذا هو عبد الرحمن بن يوسف بن خراش وهو رافضي قال أبو زرعة عنه محمد بن يوسف الحافظ كان خرج مثالب الشيخين وكان رافضيا، وقال الذهبي عنه هذا والله الشيخ المعثر الذي ضل سعيه، وبعد هذا فما انتفع بعلمه، واتهامه بالكذب من قبل ابن خراش الرافضي لا يعتد به ولا بجرحه، كما قال الذهبي إن ضعف الراوي ولم يكن الطاعن من أهل النقد، وقليل الخبرة بحديث من تكلم فيه، فلا يعتد به ولا يعتبر ولا يعتد بجرحه مثال ذلك أبان بن يزيد العطار أبي يزيد البصري الحافظ، فقد روى الكديمي تضعيفه، والكديمي واهي ليس بمعتمد.

ونقل ابن عدي تكذيب ابن معين له فقال أنا الساجي ثنا أحمد بن محمد البغدادي قال سمعت يحيى بن معين يقول كان حفص بن سليمان وأبو بكر بن عياش من أعلم الناس بقراءة عاصم وكان حفص أقرأ من أبي بكر وكان أبو بكر صدوقا وكان حفص كذابا، وأولا يجب دراسة حال الراوي عن ابن معين وهو ابن محرز أحمد بن محمد البغدادي، فهل هذا الراوي ثقة أم غير ثقة، ثم هل تلاميذ ابن معين وافقوه في هذا النقل أم خالفوه، وهل تلاميذ ابن معين متساوية مراتبهم في الوثاقة أم أن بعضهم أقوى من بعض، وثانيا الرواية منكرة، فالراوي عن ابن معين هو ابن محرز أحمد بن محمد البغدادي وهو مجهول، فلم يذكر في كتب الجرح والتعديل ولم يذكروا فيه لا جرحا ولا تعديلا فهو مجهول الحال والسند ضعيف لا يثبت، وثالثا بالرغم من أن السند لا يثبت.

فقد خالف الثقات الأثبات من تلاميذ ابن معين فقد روى عثمان بن سعيد الدارمي وأبو قدامة السرخسي كلاهما عن ابن معين أنه قال في شأن حفص بن سليمان ليس بثقة، والدارمي هو عثمان بن سعيد قال عنه الذهبي الإمام العلامة الحافظ الناقد وأخذ علم الحديث وعلله عن علي ويحيى وأحمد وفاق أهل زمانه وكان لهجا بالسنة بصيرا بالمناظرة، وأبو قدامة هو عبيد الله بن سعيد السرخسي قال بو حاتم كان من الثقات وقال أبو داود هو ثقة، وقال النسائي هو ثقة مأمون قل من كتبنا عنه مثله، وقال الحافظ في التقريب هو ثقة مأمون سني، بينما ابن محرز لم يذكر له أي توثيق أو حتى جرح في كتب الجرح والتعديل فهو مجهول الحال، ورابعا لم يوافق أحد ممن روى عن ابن معين أو في سؤالاتهم له بما تفرد به ابن محرز بتكذيب حفص، كالدوري الحافظ الإمام الثقة.

الذي أكثر من ملازمة ابن معين وطول صحبته له حتى قال ابن معين عن الدوري صديقنا وصاحبنا، وقال عنه الحافظ في التقريب هو ثقة حافظ، بل لم يوافقه الآخرون ممن رووا عن ابن معين وكابن الجنيد والدقاق وغيرهم، وخامسا هو من المعلوم في حال وجود اختلاف على الراوي فإنه يتعين التحقق من الرواية الراجحة، و الموازنة بين الروايات وبيان الراجح وأسباب الترجيح ومن القرائن والقواعد العلمية للموازنة بين الروايات هي الترجيح بالحفظ والاتقان والضبط فنجد أن من رووا عن ابن معين تضعيف حفص دون ذكر التكذيب هم الأحفظ والأتقن والأضبط والأكثر ملازمة لشيخهم من ابن محرز فترجح روايتهم، وسادسا من القرائن المرجحة والقواعد العلمية للترجيح بين الروايات هي الترجيح بالعدد والأكثر، ونجد أن من نقل تكذيب ابن معين لحفص هو ابن محرز المجهول.

بينما الذين لم يذكروا التكذيب أكثر، وسابعا كل من ترجم لحفص من أئمة الجرح والتعديل تطرقوا إلى ضعفه في الحديث وإمامته في القرآن ولم يشر أحد منهم إلى اتهامه بالكذب ومثل هذا لو ثبت لطارت به الركبان، وثامنا باستقراء جميع أقوال أهل العلم وسبرها وتتبعها فإنهم وصفوا حفصا بأنه متروك أو ضعيف الحديث ولم يثبت اتهامه بالكذب ممن يعتد قوله في هذا الباب، وتاسعا وهو أن أهل الحديث يتشددون في موضوع الكذب فكيف يقبلون قراءة الكذاب لكتاب الله فمن غير المقبول شرعا ولا عقلا عدم قبول رواية الكذاب ومن اتهم بالكذب في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم بينما تقبل روايته في كتاب الله، فأهل العلم قد ردوا رواية من جرى على لسانه الكذب في حديث الناس حتى لو لم يتعمد الكذب في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى